فتوح الشام - الواقدي - ج ١ - الصفحة ١٧٩
* (نحبه ومنهم من ينتظر) * رالآية يا طوبى للشهداء ويا طوبى لمن يتكل على الله فالق العدو بمن معك من المسلمين ولا تيأس بمن صرح من المسلمين فقد رأيت من صرع بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما عجزوا عن عدوهم في مواطن كثيرة حتى قتلوا في سبيل الله ولم يهابوا لقاء الموت في جنب الله تعالى بل جاهدوا في سبيل الله حق جهاده * (وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة والله يحب المحسنين) * فإذا ورد عليك كتابي هذا فاقرأه على المسلمين وأمرهم أن يقاتلوا العدو في سبيل الله عز وجل واقرأ عليهم يا أيها الذين آمنوا أصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون والسلام عليك ورحمة الله وبركاته ثم طوى الكتاب وسلمه إلى عبد الله بن قرط وقال له يا ابن قرط إذا أشرفت على المسلمين وقد استوت الصفوف فسر بين صفوف الموحدين وقف على أصحاب الرايات منهم وخبرهم انك رسولي إليهم وقل لهم ان عمر بن الخطاب يسلم عليكم ويقول لكم يا أهل الايمان أصدقوهم الحرب عند اللقاء وشدوا عليهم شد الليوث وأضربوا هاماتهم بالسيوف وليكونوا عليكم أهون من الذباب فإنكم المنصورون عليهم أن شاء الله تعالى ثم اقرأ عليهم * (ألا إن حزب الله هم المفلحون) * قال عبد الله بن قرط قلت له يا أمير المؤمنين ادع الله تعالى لي بالسلامة والسرعة في السير فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه اللهم احمه وسلمه واطو له البعيد انك على كل شيء قدير قال عبد الله بن قرط وخرجت من المسجد من باب الحبشة فقلت في نفسي لقد أخطأت في الرأي إذ لم أسلم على قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فما أدري أراه بعد اليوم أم لا قال عبد الله فقصدت حجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعائشة رضي الله عنها جالسة عند قبره وعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه والعباس جالسان عند القبر والحسين في حجر علي والحسن في حجر العباس رضي الله عنه وهم يتلون سورة الأنعام وعلي رضي الله عنه يتلو سورة هود فسلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال علي رضي الله عنه يا ابن قرط عولت على المسير إلى الشام فقلت نعم يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وما أظن أن أصل إليهم الا والجيش قد التقى والحرب دائرة وإذا أشرفت عليهم لا يرون معي مدادا ولا نجدة خشيت عليهم أن يهنوا ويجزعوا وكنت أحب أن أصل إليهم قبل التقائهم بعدوهم حتى أعظهم وأصبرهم فقال علي رضي الله عنه فما منعك أن تسأل عمر بن الخطاب أن يدعو لك أما علمت يا أبن قرط أن دعاءه لا يرد ولا يحجب وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيه لو كان نبي ثان بعدي لكان عمر بن الخطاب أليس هو الذي يوافق حكمه حكم الكتاب حتى قال المصطفى صلى الله عليه وسلم لو نزل من السماء إلى الأرض عذاب ما نجا منه الا عمر بن الخطاب أما علمت أن الله تعالى انزل فيه آيات بينات أما هو الزاهد التقى أما هو العابد أما هو المشبه بنوح النبي فإن كان هو قد دعا لك فقد قرن دعاؤه
(١٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 ... » »»