عيون الأنباء في طبقات الأطباء - ابن أبي أصبيعة - الصفحة ٧٥٦
والفواضل العامة أصله من بلدة حماة وأقام بدمشق واشتغل على شيخنا الحكيم مهذب الدين عبد الرحيم ابن علي وعلى غيره وتميز في صناعة الطب ثم سافر إلى حلب وتزيد في العلم وخدم الملك الناصر يوسف بن محمد بن غازي صاحب حلب وأقام عنده ولم يزل في خدمته إلى أن تملك الملك الناصر يوسف بن محمد دمشق فأتى في صحبته وكان معتمدا عليه كثير الإحسان إليه وقلت هذه القصيدة أتشوق فيها إلى دمشق وأصفها وأمدحه بها (لعل زمانا قد تقضى بجلق * يعود وتدنو الدار بعد التفرق) (وإن تسمح الأيام من بعد جورها * بعدل وأنى بالأحبة نلتقي) (فكم لي إلى أطلالها من تشوف * وكم لي إلى سكانها من تشوق) (ترنحني الذكرى إليه تشوقا * كما رنحت صرف المدام المعتق) (ومن عجب نار اشتياق بأضعلي * لها لهب من دمعي المترقرق) (لقد طال عهدي بالديار وأهلها * وكم من صروف البين قلبي قد لقي) (ولو كان للمرء اختيار وقدرة * لقد كان من كل الحوادث يتقي) (ولكنها الأقدار تحكم في الورى * وتقضي بأمر كنهه لم يحقق) (دمشق هي القصوى لمن كان قصده * يرى كل حسن في البلاد وينتقي) (فصفها إذا ما كنت بالعقل حاكما * فوصف سواها من قبيل التحمق) (وما مثلها في سائر الأرض جنة * فدع شعب بوان وذكر الخورنق) (بها الحور والولدان تبدو طوالعا * شموسا وأقمارا بأحسن رونق) (وأنهارها ما بين ماء مسلسل * من الريح أو ماء من الدفق مطلق) (وأشجارها من كل جنس مقسم * وأثمارها من كل نوع منمق) (وللطير من فوق الغصون تجاوب * فما أسجع الورقاء من فوق مورق) (ولو لم تغن الطير من فوق عودها * لما كان للأمواه وقع مصفق) (وراح تريح النفس من ألم الجوى * وتبعد هم المستهام المؤرق) (إذا مزجت في الكاس يبدو شعاعها * كمثل شعاع البارق المتألق) (ويا حبذا بالواديين حدائق * لها رونق من مائها المتدفق) (فكم من مياه حسنها عند روضة * وكم من رياض حسنها عند جوسق)
(٧٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 751 752 753 754 755 756 757 758 759 760 761 ... » »»