عيون الأنباء في طبقات الأطباء - ابن أبي أصبيعة - الصفحة ٧٥٥
فاعلا للخيرات بالغا في المعالي أرفع الدرجات دائم السعادة موقى من الآفات (وهذا دعاء لو سكت كفيته * لأني سألت الله فيك وقد فعل) الطويل ومولانا فتتجمل به المناصب العالية وتتشرف بحسن نظره المراتب السامية فإنه قد سما بفضله وأفضاله على كل من عرف الفضل واشتهر وتميز على أبناء زمانه بمحاسن الآداب وميامن الأثر وهذا هنا عام لسائر الأطباء وجملة الأولياء والأحباء (وتقاسم الناس المسرة بينهم * قسما فكان أجلهم حظا أنا) المملوك يجدد تقبيل اليد المولوية للنعم ويستعرض الحوائج والخدم ولبدر الدين ابن قاضي بعلبك من الكتب مقالة في مزاج الرقة وهي بليغة في المعنى الذي صنفت به كتاب مفرج النفس استقصى فيه ذكر الأدوية والأشياء القلبية على اختلافها وتنوعها وهو مفيد جدا في فنه وصنفه للأمير سيف الدين المشد أبي الحسن علي بن عمر بن قزل رحمه الله كتاب الملح في الطب ذكر فيه أشياء حسنة وفوائد كثيرة من كتب جالينوس وغيرها شمس الدين محمد الكلي هو الحكيم الأجل الأوحد العالم أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن أبي المحاسن كان والده أندلسيا من أهل المغرب وأتى إلى دمشق وأقام بها إلى أن توفي رحمه الله ونشأ الحكيم شمس الدين محمد بدمشق وقرأ صناعة الطب على شيخنا الحكيم مهذب الدين عبد الرحيم بن علي رحمه الله ولازمه حق الملازمة وأتقن عليه حفظ ما ينبغي أن يحفظ من الكتب الأوائل التي يحفظها المشتغلون في الطب وبالغ الحكيم شمس الدين في ذلك حتى حفظ أيضا الكتاب الأول من القانون وهو الكليات جميعها حفظا متقنا لا مزيد عليه واستقصى فهم معانيه ولذلك قيل له الكلي وقرأ أيضا كثيرا من الكتب العلمية وباشر أعمال الصناعة الطبية وهو جيد الفهم غزير العلم لا يخلي وقتا من الاشتغال ولا يخل بالعلم في حال من الأحوال حسن المحاضرة مليح المحاورة وخدم بصناعة الطب الملك الأشرف موسى ابن الملك العادل بدمشق ولم يزل في خدمته إلى أن توفي الملك الأشرف رحمه الله ثم خدم بعد ذلك في البيمارستان الكبير الذي أنشأه الملك العادل نور الدين بن زنكي رحمه الله وبقي مدة وهو يتردد إليه ويعالج المرضى فيه موفق الدين عبد السلام لقد جمع الصناعة الطبية والعلوم الحكمية والأخلاق الحميدة والآراء السديدة والفضائل التامة
(٧٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 750 751 752 753 754 755 756 757 758 759 760 ... » »»