وتسعين وخمسمائة وكان أسمر اللون نحيف البدن حاد الذهن مفرط الذكاء فصيح اللسان كثير البراعة لا يجاريه أحد في البحث ولا يلحقه في الجدل واشتغل على شيخنا الحكيم مهذب الدين عبد الرحيم بن علي بصناعة الطب حتى أتقنها وكان متميزا في العلوم الحكمية قويا في علم المنطق مليح التصنيف جيد التأليف وكان فاضلا في العلوم الأدبية ويترسل ويشعر وله معرفة بالعود حسن الخط وخدم بصناعة الطب الملك المسعود صاحب آمد وحظي عنده واستوزره ثم بعد ذلك نقم عليه وأخذ جميع موجوده وأتى إلى دمشق وأقام بها واشتغل عليه جماعة بصناعة الطب وكان متميزا في الدولة وكتب إليه الصاحب جمال الدين بن مطروح في جواب كتاب منه (لله در أنامل شرفت * وسمت فأهدت أنجما زهرا) (وكتابة لو أنها على الملكين * ما ادعيا إذن سحرا) (لم أقر سطرا من بلاغتها * إلا رأيت الآية الكبرى) (فأعجب لنجم في فضائله * أنسى الأنام الشمس والبدرا) الكامل وكان نجم الدين رحمه الله لحدة مزاجه قليل الاحتمال والمداراة وكان جماعة يحسدونه لفضله ويقصدونه بالأذية وأنشدني يوما متمثلا (وكنت سمعت أن الجن عند * استراق السمع ترجم بالنجوم) (فلما أن علوت وصرت نجما * رميت بكل شيطان رجيم) الوافر وفي آخر عمره خدم الملك الأشرف ابن الملك المنصور صاحب حمص بتل باشر وأقام عنده مديدة يسيرة وتوفي رحمه الله في ثالث عشر ذي القعدة سنة اثنتين وخمسين وستمائة وحكى لي أخوه لأمه القاضي شهاب الدين بن العالمة أنه توفي مسموما ولنجم الدين بن المنفاخ من الكتب كتاب التدقيق في الجمع والتفريق ذكر فيه الأمراض وما تتشابه فيه والتفرقة بين كل واحد منها وبين الآخر مما تشابه في أكثر الأمر كتاب هتك الأستار في تمويه الدخوار تعاليق ما حصل له من التجارب وغيرها وشرح أحاديث نبوية تتعلق بالطب كتاب المهملات في كتاب الكليات كتاب المدخل إلى الطب كتال العلل والأعراض كتاب الإشارات المرشدة في الأدوية المفردة
(٧٥٨)