المتوحشة المتكالبة عليها للنهب والقتل والسلب والتهديم، لم يكن يسمح لها بالاستقرار والامن في الوقت الذي كانت تتمتع بها بقية الشعوب المجاورة.. لم تفقد حيويتها ونشاطها وانما كان لها الأثر البالغ في تكييف الحركة الفكرية وتوجيه الحضارة الثقافية مع انفصالها عن بعض العواصم والحوزات العلمية، ولكن هذه الحوزات الثقافية والجامعات العلمية لم تحدث بنفسها المعجزة الفكرية الكبرى مع اتصال بعضها ببعض ولكن بفضل جامعة النجف الكبرى وعن طريقها (11).
ومن الحق ان نقول: ان الزعامة التي سلمت للشخصية النجفية في كافة المجالات منذ القرون الأولى كانت نتيجة الجهود العلمية والأدبية التي بذلتها وسعت في حفاظ التراث الفكري وقامت به وحرسته، في الوقت الذي كانت أيدي المغول تعبث بالتراث الاسلامي العظيم وكادت ان تمحو كل أثر من أثار المسلمين العقلية والأدبية.
ومن ثم نهضة العلماء في كل دور وحقب وتجديدهم هذا التراث الفكري الاسلامي ولكن بعقول نجفية. وأقلام نجفية. وأذواق نجفية. ظهر أثرها واضحا في كل لون من ألوان العلوم النقلية.