كشف الظنون - حاجي خليفة - ج ١ - الصفحة ٢٣
لينال بتمويهه غرضا كما اتفق في علوم الكيميا والسيميا والسحر والطلسمات والعجب ممن يقبل دعوى من يدعى علما من هذه العلوم فالفطرة قاضية بان من يطلع على ذنابة [1] من اسرار هذه العلوم يكتمها عن والده وولده. ومنها ذم جاهل متعالم لجهله إياه فان من جهل شيئا أنكره وعاداه كما قيل: المرء عدو لما جهله أو ذم عالم متجاهل لتعصبه على أهله بسبب من الأسباب فإنك تسمعهم يقولون بتحريم المنطق مع كونه ميزان العلوم وتحريم الفلسفة مع أنها عبارة عن معرفة حقائق الأشياء وليس فيها ما ينافي الشرع المبين والدين المتين غير المسائل اليسيرة التي اوردتها أصحاب التهافت كما سيأتي. وليس في كتب الحنفية القول بتحريم المنطق غير الأشباه فإن كان صاحبه رآه كان المناسب ان ينقل. واما ما في كتب الشافعية من التصريح به فمن قبيل سد الذرائع وصرف الطبائع إلى علوم الشرائع.
ولعل المراد من منع الأئمة عن تعليم بعض العلوم وتعلمه تخليص أصحاب العقول القاصرة من تضييع العمر وتعذيبهم بلا فائدة فان في تعليم أمثاله ليس له عائدة والا فالعلم إن كان مذموما في نفسه على زعمهم لا يخلو تحصيله عن فائدة أقلها رد القائلين بها.
الاعلام الرابع: في مراتب العلوم في التعليم. ولا يخفى انه يقدم الأهم فالأهم فيه والوسيلة مقدمة على المقصد كما أن المباحث اللفظية مقدمة على المباحث المعنوية لان الألفاظ وسيلة إلى المعاني ويقدم الأدب على المنطق ثم هما على أصول الفقه ثم هو على الخلاف. والتحقيق ان تقدم العلم على العلم لثلاثة أمور اما لكونه أهم منه كتقديم فرض العين على فرض الكفاية وهو على المندوب إليه وهو على المباح واما لكونه وسيلة إليه كما سبق فيقدم النحو على المنطق واما لكون موضوعه جزأ على النحو وربما يقدم علم على علم لا لشئ منها بل لغرض التمرين على ادراك المعقولات كما أن طائفة من القدماء قدموا تعليم علم الحساب وكثيرا ما يقدم الاهون فالأهون ولذا قدم المصنفون في كتبهم النحو على التصريف ولعلهم راعوا في ذلك ان الحاجة إلى النحو أمس. ثم إنه تختلف فروض الكفاية في التأكد وعدمه بحسب خلو الاعصار والامصار من العلماء فرب مصر لا يوجد فيه من يقسم الفريضة الا واحد واثنان ويوجد فيه عشرون فقيها فيكون تعلم الحساب فيه آكد من أصول الفقه.
واعلم أن الواجب علمه هو فرض عين وهو كل ما أوجبه الشرع على الشخص في خاصة نفسه واماما أوجبه على المجموع

وهو تصحيف 6 - 4 - 5 - 1 (ذبابة): f [i]
(٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 ... » »»