كشف الظنون - حاجي خليفة - ج ١ - الصفحة ١٩
والدليل على السراء والضراء والسلاح على الأعداء والزين عند الأخلاء يرفع الله تعالى به أقوما فيجعلهم في الخير قادة وأئمة تقتص آثارهم ويقتدى بفعالهم ترغب الملائكة في خلتهم وبأجنحتها تمسحهم يستغفر لهم كل رطب ويابس وحيتان البحر وهو امه وسباع البر وانعامه. لان العلم حياة القلوب من الجهل ومصابيح الابصار من الظلم يبلغ العبد بالعلم منازل الأخيار والدرجات العلى في الدنيا والآخرة والتفكر فيه يعدل الصيام ومدارسته تعدل القيام به توصل الأرحام وبه يعرف الحلال والحرام هو امام والعمل تابعه ويلهمه السعداء ويحرمه الأشقياء. اورده ابن عبد البر في كتاب جامع بيان العلم باسناده وقال هو حديث حسن جدا وفى اسناده ضعف. وروى أيضا من طرق شتى موقوفا على معاذ.
وقد يقال الموقوف في مثل هذا كالمرفوع لان مثله لا يقال بالرأي.
وقال الشافعي من شرف العلم ان كل من نسب إليه ولو في شئ حقير فرح ومن رفع عنه حزن. وقال الأحنف كل عز لم يوطد [1] بعلم فإلى ذل مصيره. ثم إن العلوم مع اشتراكها في الشرف تتفاوت فيه فمنها ما هو بحسب الموضوع كالطب فان موضوعه بدن الانسان والتفسير فان موضوعه كلام الله سبحانه وتعالى ولا خفاء في شرفهما ومنها ما هو بحسب الغاية كعلم الأخلاق فان غايته معرفة الفضائل الانسانية ومنها ما هو بحسب الحاجة إليه كالفقه فان الحاجة إليه ماسة ومنها ما هو بحسب وثاقة الحجة كالعلوم الرياضية فإنها برهانية. ومن العلوم ما يقوى شرفه باجتماع هذه الاعتبارات فيه أو أكثرها كالعلم الإلهي فان موضوعه شريف من الاخر باعتبار ثمرته [2] واو وثاقة دلائله [3] أو غايته.
ثم إن شرف الثمرة أولي من شرف قوة الدلالة [4] فأشرف العلوم ثمرة العلم بالله سبحانه وتعالى وملائكته وكتبه ورسله وما يعين عليه فان ثمرته السعادة الأبدية.
الاعلام الثاني: في كون العلم ألذ الأشياء وأنفعها وفيه تعليمان.
الأول: في لذته اعلم أن شرف الشئ اما لذاته أو لغيره والعلم حائز للشرفين جميعا لأنه لذيذ في نفسه فيطلب لذاته ولذيذ لغيره فيطلب لأجله اما الأول فلا يخفى على أهله انه لا لذة فوقها لأنها لذة روحانية وهى اللذة المحضة واما اللذة الجسمانية فهي دفع الألم في الحقيقة كما أن لذة الاكل دفع ألم الجوع ولذة الجماع دفع ألم

وهو تصحيف 5، 45 - i (لم يوجد): f [1] [2] كعلم الدين وعلم الطب فان ثمرة الأول الحياة الأخروية وثمرة الثاني الحياة الغانية الدنيوية (منه) [3] مثل الحساب والنحو فان الأول أشرف لوثاقة أدلته (منه) [4] كالطب والحساب فان الأول أولي باعتبار ثمرته والثاني أشرف باعتبار أدلته (منه).
(١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 ... » »»