سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٢٣ - الصفحة ١٨٠
وفي سنة أربع وخمسين: كان ظهور الآية الكبرى وهي النار بظاهر المدينة النبوية ودامت أياما تأكل الحجارة، واستغاث أهل المدينة إلى الله وتابوا، وبكوا، ورأى أهل مكة ضوءها من مكة، وأضاءت لها أعناق الإبل ببصرى، كما وعد بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه. وكسف فيها الشمس والقمر، وكان فيها الغرق العظيم ببغداد، وهلك خلق من أهلها، وتهدمت البيوت، وطفح الماء على السور.
وفيها سار الطاغية هولاكو بن تولي بن جنكزخان في مئة ألف، وافتتح حصن الألموت، وأباد الإسماعيلية وبعث جيشا عليهم باجونوين، فأخذوا مدائن الروم، وذل لهم صاحبها، وقتل خلق كثير.
وفيها كان حريق مسجد النبي صلى الله عليه وسلم جميعه في أول رمضان من مسرجة القيم، فلله الامر كله.
وفي سنة خمس وخمسين: مات صاحب مصر الملك المعز أيبك التركماني، قتلته زوجته شجر الدر في الغيرة، فوسطت.
وجرت فتنة مهولة ببغداد بين الناس وبين الرافضة، وقتل عدة من الفريقين، وعظم البلاء، ونهب الكرخ، فحنق ابن العلقمي الوزير الرافضي، وكاتب هولاكو، وطمعه في العراق، فجاءت رسل هولاكو إلى بغداد، وفي الباطن معهم فرمانات لغير واحد، والخليفة لا يدري ما يتم، وأيامه قد ولت، وصاحب دمشق شاب غر جبان، فبعث ولده الطفل مع الحافظي بتقادم وتحف إلى هولاكو فخضع له، ومصر في اضطراب بعد قتل المعز، وصاحب الروم قد هرب إلى بلاد الأشكري، فتمرد هولاكو وتجبر، واستولى على الممالك، وعاث جنده الكفرة يقتلون ويأسرون ويحرقون.
(١٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 ... » »»