سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٢١ - الصفحة ٤٦٥
وبكل حال فالحافظ عبد الغني من أهل الدين والعلم والتأله والصدع بالحق، ومحاسنه كثيرة، فنعوذ بالله من الهوى والمراء والعصبية والافتراء، ونبرأ من كل مجسم ومعطل (1).
من فراسة الحافظ وكراماته:
قال الحافظ الضياء: سمعت الحافظ أبا موسى بن عبد الغني يقول:
كنت عند والدي بمصر، وهو يذكر فضائل سفيان الثوري، فقلت في نفسي: إن والدي مثله، فالتفت إلي، وقال: أين نحن من أولئك؟
سمعت نصر بن رضوان المقرئ يقول: كان منبر الحافظ فيه قصر، وكان الناس يشرفون إليه، فخطر لي لو كان يعلى قليلا، فترك الحافظ القراءة من الجزء، وقال: بعض الاخوان يشتهي (2) أن يعلى هذا المنبر قليلا، فزادوا في رجليه.

(1) هذا هو رأي الامام الذهبي، وهو الصواب، إذ لا فائدة في الدخول في كل هذه المتاهات، وقد قال في (تاريخ الاسلام) ردا على السبط: (قلت: وإجماع الفقهاء على الفتيا بتكفيره كلام ناقص وهو كذب صريح إنما أفتى بذاك بعض الشافعية الذين تعصبوا عليه، وأما الشيخ موفق الدين وأبو اليمن الكندي شيخا الحنفية والحنابلة فكانا معه، ولكن نعوذ بالله من الظلم والجهل) (الورقة: 273 أحمد الثالث). وقال ابن رجب: (قرأت بخط الامام الحافظ الذهبي ردا على من نقل الاجماع على تكفيره: أما قوله (أجمعوا) فما أجمعوا بل أفتى بذلك بعض أئمة الأشاعرة ممن كفروه وكفرهم هو، ولم يبد من الرجل أكثر مما يقوله خلق من العلماء الحنابلة والمحدثين من أن الصفات الثابتة محمولة على الحقيقة لا على المجاز، أعني أنها تجري على مواردها لا يعبر عنها بعبارات أخرى كما فعلته المعتزلة أو المتأخرون من الأشعرية، هذا مع أن صفاته تعالى لا يماثلها شئ (الذيل: 2 / 24).
(2) تحرفت العبارة في (الذيل) لابن رجب بفعل عدم فهم ناشر الكتاب للحكاية فجاءت كما يأتي: (فقال بعض الاخوان: نشتهي..). والمقصود ببعض الاخوان هنا هو (نصر بن رضوان المقرئ).
(٤٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 460 461 462 463 464 465 466 467 468 469 470 ... » »»