سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٢١ - الصفحة ٤٦٦
سمعت أبا موسى ابن الحافظ، حدثني أبو محمد أخو الياسميني، قال: كنت يوما عند والدك، فقلت في نفسي: أشتهي لو أن الحافظ يعطيني ثوبه حتى أكفن فيه. فلما أردت القيام خلع ثوبه الذي يلي جسده وأعطانيه، وبقي الثوب عندنا كل من مرض تركوه عليه فيعافى.
سمعت الرضي عبد الرحمان المقدسي (1) يقول: كنت عند الحافظ بالقاهرة فدخل رجل فسلم ودفع إلى الحافظ دينارين فدفعهما الحافظ إلي، وقال: ما كأن قلبي يطيب بها، فسألت الرجل: أيش شغلك؟ قال: كاتب على النطرون (2)، يعني وعليه ضمان.
حدثني فضائل بن محمد بن علي بن سرور بجماعيل، حدثني ابن عمي بدران بن أبي بكر، قال: كنت مع الحافظ يعني في الدار التي وقفها عليه يوسف المسجف، وكان الماء مقطوعا، فقام في الليل، وقال: املا لي الإبريق، فقضى الحاجة، وجاء فوقف، وقال: ما كنت أشتهي الوضوء إلا من البركة، ثم صبر قليلا فإذا الماء قد جرى، فانتظر حتى فاضت البركة، ثم انقطع الماء، فتوضأ، فقلت: هذه كرامة لك، فقال لي: قل أستغفر الله، لعل الماء كان محتبسا، لا تقل هذا!
وسمعت الرضي عبد الرحمان يقول:
كان رجل قد اعطى الحافظ جاموسا في البحرة (3) فقال لي: جئ به

(1) هو عبد الرحمان بن محمد بن عبد الجبار المقدسي.
(2) النطرون بمصر ماء يجمد مثل الملح وعليه ضمان (الذيل لابن رجب: 2 / 28).
(3) قال الفيروزآبادي: (والبحرة، والمنخفض من الأرض، والروضة العظيمة، ومستنقع الماء) والظاهر أنه اسم مكان قرب دمشق.
(٤٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 461 462 463 464 465 466 467 468 469 470 471 ... » »»