سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٢١ - الصفحة ٤٦٢
على حمل كلامك) قال: فدعوت به فخلصت تلك الليلة.
سمعت أحمد بن محمد بن عبد الغني، حدثني الشجاع بن أبي زكري (1) الأمير، قال: قال لي الملك الكامل يوما: ها هنا فقيه قالوا إنه كافر، قلت: لا أعرفه، قال: بلى، هو محدث، قلت: لعله الحافظ عبد الغني؟، قال: هذا هو، فقلت: أيها الملك، العلماء أحدهم يطلب الآخرة، وآخر يطلب الدنيا، وأنت هنا باب الدنيا، فهذا الرجل جاء إليك أو تشفع يطلب شيئا (2)؟، قال: لا. فقلت: والله هؤلاء يحسدونه، فهل في هذه البلاد أرفع منك؟ قال: لا، فقلت: هذا الرجل أرفع العلماء كما أنت أرفع الناس، فقال: جزاك الله خيرا كما عرفتني، ثم بعثت رقعة إليه أوصيه به، فطلبني فجئت، وإذا عنده شيخ الشيوخ ابن حمويه، وعز الدين الزنجاري (3)، فقال لي السلطان: نحن في أمر الحافظ، فقال: أيها الملك القوم يحسدونه، وهذا الشيخ بيننا - يعني شيخ الشيوخ - وحلفته هل سمعت من الحافظ كلاما يخرج عن الاسلام؟ فقال: لا والله وما سمعت عنه إلا كل جميل، وما رأيته. وتكلم ابن الزنجاري فمدح الحافظ كثيرا وتلامذته، وقال: أنا أعرفهم، ما رأيت مثلهم، فقلت: وأنا أقول شيئا آخر: لا يصل إليه مكروه حتى يقتل من الأكراد ثلاثة آلاف، قال: فقال: لا يؤذى الحافظ، فقلت: اكتب خطك بذلك، فكتب.

(1) تصحفت في الذيل لابن رجب إلى (ذكرى).
(2) اختصر الامام الذهبي العبارة على عادته وأصلها (فهذا الرجل جاء إليك أو أرسل إليك شفاعة أو رقعة يطلب منك شيئا؟).
(3) تصحفت في الذيل لابن رجب (2 / 26) إلى (الزنجاني)، وهو عز الدين عثمان بن عبد العزيز الزنجاري الأمير (انظر تلخيص مجمع الآداب لابن الفوطي: 4 / الترجمة 300).
(٤٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 457 458 459 460 461 462 463 464 465 466 467 ... » »»