سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٨ - الصفحة ٣١٣
ريب أن الله لطف بالقائم لدينه (1).
حكى المحدث أبو الحسن بن عبد السلام: سمعت الأستاذ محمد بن علي بن عامر قال: دخلت إلى الخزانة، فأعطوني عدة قصص، حتى امتلا كمي، فقلت: لو كان الخليفة أخي لضجر مني، وألقيتها في البركة. وكان القائم ينظر، ولم أدر. قال: فأمر بأخذ الرقاع، فنشرت في الشمس، ثم وقع على الجميع، وقال: يا عامي! لم فعلت هذا؟ قال: فاعتذرت، فقال: ما أطلقنا شيئا من أموالنا بل نحن خزانهم (2).
نعم، وأحسن البساسيري السيرة، ووصل الفقهاء، ولم يتعصب للشيعة، ورتب لام الخليفة راتبا. ثم بعد أيام أخرج الوزير مقيدا عليه طرطور، وفي رقبته قلادة جلود وهو يقرأ: * (قل اللهم مالك الملك) * [آل عمران: 26] فبصق في وجهه أهل الرفض - فالامر لله - ثم صلب، وجعل في فكيه كلوبان، فمات ليومه (3)، وقتلوا العميد أيضا، وهو الذي بنى رباط شيخ الشيوخ (4)، ثم سار البساسيري، فحكم على البصرة وواسط، وخطب بها للمستنصر، ولكن قطع المستنصر مكاتبته، خوفه وزيره أبو الفرج ابن أخي الوزير المغربي، وكان قد هرب من البساسيري، فذم أفعاله، وخوف من عواقبه (5). وبكل حال فناله من المصريين نحو ألف ألف دينار.

(1) انظر " تاريخ بغداد " 3 / 399 وما بعدها، و " الكامل " 9 / 640 وما بعدها، و " المختصر " 2 / 177 - 178، و " المنتظم " 8 / 190.
(2) انظر " المنتظم " 8 / 59.
(3) قد تقدم هذا الخبر في ترجمة الوزير أبي القاسم رئيس الرؤساء رقم (104)، وهو أيضا في " تاريخ بغداد " 9 / 403.
(4) " الكامل " 9 / 644، وفي ترجمة شيخ الشيوخ الآتية برقم (254) أنه هو الذي بنى الرباط من ماله.
(5) الخبر بنحوه في " الكامل " 9 / 644.
(٣١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 308 309 310 311 312 313 314 315 316 317 318 ... » »»