ريب أن الله لطف بالقائم لدينه (1).
حكى المحدث أبو الحسن بن عبد السلام: سمعت الأستاذ محمد بن علي بن عامر قال: دخلت إلى الخزانة، فأعطوني عدة قصص، حتى امتلا كمي، فقلت: لو كان الخليفة أخي لضجر مني، وألقيتها في البركة. وكان القائم ينظر، ولم أدر. قال: فأمر بأخذ الرقاع، فنشرت في الشمس، ثم وقع على الجميع، وقال: يا عامي! لم فعلت هذا؟ قال: فاعتذرت، فقال: ما أطلقنا شيئا من أموالنا بل نحن خزانهم (2).
نعم، وأحسن البساسيري السيرة، ووصل الفقهاء، ولم يتعصب للشيعة، ورتب لام الخليفة راتبا. ثم بعد أيام أخرج الوزير مقيدا عليه طرطور، وفي رقبته قلادة جلود وهو يقرأ: * (قل اللهم مالك الملك) * [آل عمران: 26] فبصق في وجهه أهل الرفض - فالامر لله - ثم صلب، وجعل في فكيه كلوبان، فمات ليومه (3)، وقتلوا العميد أيضا، وهو الذي بنى رباط شيخ الشيوخ (4)، ثم سار البساسيري، فحكم على البصرة وواسط، وخطب بها للمستنصر، ولكن قطع المستنصر مكاتبته، خوفه وزيره أبو الفرج ابن أخي الوزير المغربي، وكان قد هرب من البساسيري، فذم أفعاله، وخوف من عواقبه (5). وبكل حال فناله من المصريين نحو ألف ألف دينار.