مصر، فأقبل في أربع مئة فارس في وهن وضعف ومعه قريش أمير العرب في مئتي فارس بعد أن حاصرا الموصل، وأخذاها، وهدما قلعتها. واشتغل طغرلبك بحرب أخيه، فمالت العامة إلى البساسيري لما فعلت بهم الغز، وفرحت به الرافضة، فحضر الهمذاني عند رئيس الرؤساء الوزير، واستأذنه في الحرب، وضمن له قتل البساسيري، فأذن له. وكان رأي عميد العراق المطاولة رجاء نجدة طغرلبك، فبرز الهمذاني بالهاشميين والخدم والعوام إلى الحلبة، فتقهقر البساسيري، واستجرهم، ثم كر عليهم، فهربوا، وقتل عدة، ونهب باب الأزج، وأغلق الوزير عليهم، ولطم العميد كيف استبد الوزير بالامر ولا معرفة له بالحرب، فطلب الخليفة العميد، وأمره بالقتال على سور الحريم، فلم يرعهم إلى الصريخ ونهب الحريم، ودخلوا من باب النوبي، فركب الخليفة وعلى كتفه البردة، وبيده السيف، وحوله عدد، فرجع نحو العميد، فجوده قد استأمن إلى قريش، فصعد المنظرة، فصاح رئيس الرؤساء بقريش: يا علم الدين: إن أمير المؤمنين يستدنيك. فدنا، فقال: قد أنالك الله رتبة لم ينلها أحد، أمير المؤمنين يستذم منك على نفسه وأصحابه بذمام الله ورسوله وذمام العرب. قال: نعم. وخلع قلنسوته، فأعطاها الخليفة، وأعطى الوزير مخصرته، فنزلا إليه، وذهبا معه، فبعث إليه البساسيري: أتخالف ما تقرر بيننا؟ قال: لا. ثم اتفقا على تسليم الوزير، فلما أتاه، قال: مرحبا بمهلك الدول. قال: العفو عند القدرة. قال: أنت قدرت فما عفوت، وركبت القبيح مع أطفالي، فكيف أعفو وأنا رب سيف!؟. وحمل قريش الخليفة إلى مخيمه، وسلم زوجته إلى ابن جردة، ونهبت دور الخلافة، فسلم قريش الخليفة إلى ابن عمه مهارش بن مجلي، فسار به في هودج إلى الحديثة، وسار حاشية الخليفة على حمية إلى طغرلبك، وشكى الخليفة البرد، فبعث إليه متولي الأنبار جبة ولحافا. ولا
(٣١٢)