سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٨ - الصفحة ٣١٥
بالخضراء (1)، وذهبت محاسن الجامع وزخرفته التي تضرب بها الأمثال، من حرب وقع بين جيش مصر وجيش العراق (2).
وفي سنة 62 أقبل طاغية الروم في جيش لجب، حتى أناخ بمنبج، فاستباحها، وأسرع الكرة للغلاء، أبيع في عسكره رطل الخبز، بدينار، وكان بمصر الغلاء المفرط وهي النوبة التي قال فيها صاحب " المرآة ": فخرجت امرأة بالقاهرة بيدها مد جوهر فقالت: من يأخذه بمد قمح؟ فما التفت إليها أحد، فرمته، وقالت: ما نفعني وقت الحاجة، فلا أريده. فما كان له من يأخذه، وكاد الخراب أن يشمل الإقليم، حتى بيع كلب بخمسة دنانير والهر بثلاثة، وبلغ ثمن الإردب (3) مئة دينار، وأكل الناس بعضهم بعضا، وتشتت أهل مصر في البلاد (4).
وفي سنة 63 كانت الملحمة العظمى بين الاسلام والنصارى.
قال ابن الأثير (5): خرج أرمانوس في مئتي ألف، وقصد الاسلام، ووصل إلى بلاد خلاط (6). وكان السلطان ألب آرسلان بخوي (7)، فبلغه كثرة العدو، وهو في خمسة عشر ألف فارس، فقال: أنا ألتقيهم، فإن سلمت

(1) وهي تقع جنوبي الجامع الأموي وما زالت قائمة حتى اليوم، ولكنها تحولت إلى مصبغة تعرف باسم (مصبغة الخضراء) ثم تحولت أخيرا إلى مطبعة.
(2) الكامل " 10 / 59، و " المختصر " 2 / 86، وفيهما أن الحرب كانت بين المغاربة أصحاب المصريين والمشارقة.
(3) الإردب، بكسر الهمزة: مكيال لأهل مصر يسع أربعة وعشرين صاعا، انظر " اللسان " و " القاموس " و " معجم متن اللغة " مادة " ردب ".
(4) انظر " المنتظم " 8 / 256، و " الكامل " 10 / 60 - 62، و " المختصر " 2 / 186.
(5) " الكامل " 10 / 65 - 67 بأطول مما هنا.
(6) قال ياقوت: هي قصبة أرمينية الوسطى.
(7) قال ياقوت: خوي: بلد مشهور من أعمال أذربيجان، حصن كثير الخير والفواكه.
(٣١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 310 311 312 313 314 315 316 317 318 319 320 ... » »»