وكان أبيض وسيما، عالما مهيبا، فيه دين وعدل. ظهر عليه ما شرا (1)، فافتصد ونام، فانفجر فصاده، وخرج دم كثير، وضعف، وخارت قواه.
وكان ذا حظ من تعبد وصيام وتهجد، لما أن أعيد إلى خلافته قيل: إنه لم يسترد شيئا مما نهب من قصره، ولا عاقب من آذاه، واحتسب وصبر. وكان تاركا للملاهي - رحمه الله - وكانت خلافته خمسا وأربعين سنة.
وغسله شيخ الحنابلة أبو جعفر بن أبي موسى الهاشمي (2). وعاش ستا وسبعين سنة، وبويع بعده ابن ابنه المقتدي بالله.
ووزر للقائم أبو طالب محمد (3) بن أيوب، وأبو الفتح بن دارست (4)، وأبو القاسم بن المسلمة (5)، وأبو نصر بن جهير (6).
وكان ملك بني بويه في خلافته ضعيفا، بحيث إن جلال الدولة (7) باع من ثيابه الملبوسة ببغداد، وقل ما بيده، وخلت داره من حاجب وفراش، وقطعت النوبة على بابه لذهاب الطبالين، وثار عليه جنده، ثم كاشروا له رحمة، ثم جرت فتنة البساسيري، ثم بدت الدولة السلجوقية، وأول ما ملكوا خراسان، ثم الجبل، وعسفوا ونهبوا وقتلوا، وفعلوا القبائح - وهم