سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٨ - الصفحة ٣٠٨
وكان أبيض وسيما، عالما مهيبا، فيه دين وعدل. ظهر عليه ما شرا (1)، فافتصد ونام، فانفجر فصاده، وخرج دم كثير، وضعف، وخارت قواه.
وكان ذا حظ من تعبد وصيام وتهجد، لما أن أعيد إلى خلافته قيل: إنه لم يسترد شيئا مما نهب من قصره، ولا عاقب من آذاه، واحتسب وصبر. وكان تاركا للملاهي - رحمه الله - وكانت خلافته خمسا وأربعين سنة.
وغسله شيخ الحنابلة أبو جعفر بن أبي موسى الهاشمي (2). وعاش ستا وسبعين سنة، وبويع بعده ابن ابنه المقتدي بالله.
ووزر للقائم أبو طالب محمد (3) بن أيوب، وأبو الفتح بن دارست (4)، وأبو القاسم بن المسلمة (5)، وأبو نصر بن جهير (6).
وكان ملك بني بويه في خلافته ضعيفا، بحيث إن جلال الدولة (7) باع من ثيابه الملبوسة ببغداد، وقل ما بيده، وخلت داره من حاجب وفراش، وقطعت النوبة على بابه لذهاب الطبالين، وثار عليه جنده، ثم كاشروا له رحمة، ثم جرت فتنة البساسيري، ثم بدت الدولة السلجوقية، وأول ما ملكوا خراسان، ثم الجبل، وعسفوا ونهبوا وقتلوا، وفعلوا القبائح - وهم

(1) الماشرا، فعي عرف الأطباء: ورم حار عن دم صفراوي يعم الوجه، وربما غطى العين:
" التعريفات " للمناوي ورقه 107.
(2) انظر " المنتظم " 8 / 290، و " الكامل " 10 / 94 - 95، وسترد ترجمة أبي جعفر برقم (276).
(3) وقد تقدمت ترجمته برقم (19).
(4) هو أبو الفتح منصور بن أحمد بن دارست المتوفي سنة (467)، انظر " المنتظم " 8 / 297.
(5) وقد تقدمت ترجمته برقم (104).
(6) وسترد ترجمته برقم (324).
(7) هو الملك جلال الدولة فيروز جرد بن الملك بهاء الدولة الديلمي، مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (382).
(٣٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 303 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 ... » »»