سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٨ - الصفحة ١٩٢
يشغب (1) عليه من الفقهاء فليتكتم بها ولا يتراءى بفعلها، فربما أعجبته نفسه، وأحب الظهور، فيعاقب. ويدخل عليه الداخل من نفسه، فكم من رجل نطق بالحق، وأمر بالمعروف، فيسلط الله عليه من يؤذيه لسوء قصده، وحبه للرئاسة الدينية، فهذا داء خفي سار في نفوس الفقهاء، كما أنه داء سار في نفوس المنفقين من الأغنياء وأرباب الوقوف والترب المزخرفة، وهو داء خفي يسري في نفوس الجند والامراء والمجاهدين، فتراهم يلتقون العدو، ويصطدم الجمعان وفي نفوس المجاهدين مخبآت (2) وكمائن من الاختيال وإظهار الشجاعة ليقال، والعجب (3)، ولبس القراقل (4) المذهبة، والخوذ المزخرفة، والعدد المحلاة على نفوس متكبرة، وفرسان متجبرة، وينضاف إلى ذلك إخلال بالصلاة، وظلم للرعية (5)، وشرب للمسكر، فأنى ينصرون؟ وكيف لا يخذلون؟ اللهم: فانصر دينك، ووفق عبادك. فمن طلب العلم للعمل كسره (6) العلم، وبكى على نفسه، ومن طلب العلم للمدارس والافتاء والفخر والرياء، تحامق، واختال، وازدرى بالناس، وأهلكه العجب، ومقتته الأنفس * (قد أفلح من زكاها، وقد خاب من دساها) * [الشمس: 9 و 10] أي: دسسها بالفجور والمعصية.

(1) طبعة المجمع: من تشغب.
(2) طبعة المجمع: مخبأة.
(3) لفظ " العجب " ليس في طبعة المجمع.
(4) أثبت محقق طبعة المجمع هنا كلمة " العراقي " وقال في الحاشية: " العرقية ما يلبس تحت العمامة والقلنسوة، مولدة. " التاج " وفي الأصل: العراقل، وهي تصحيف " ا ه‍. وأما عندنا في الأصل: " القراقل " وفي " اللسان ": القرقل: ضرب من الثياب، وقيل: هو ثوب بغير كمين، وقال أبو تراب: القرقل قميص من قمص النساء بلا لبنة، وجمعه قراقل.
(5) طبعة المجمع: الرعية، وشرب المسكر.
(6) طبعة المجمع: " كره " وهو تحريف.
(١٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 ... » »»