مستنبطا للأحكام من الكتاب والسنة، متفننا في علوم جمة، عاملا بعلمه، ما رأينا مثله فيما اجتمع له من الذكاء، وسرعة الحفظ، وكرم النفس والتدين، وكان له في الأدب والشعر نفس واسع، وباع طويل، وما رأيت من يقول الشعر على البديه أسرع منه، وشعره كثير جمعته على حروف المعجم.
وقال أبو القاسم صاعد: كان أبوه أبو عمر من وزراء المنصور محمد بن أبي عامر، مدبر دولة المؤيد بالله بن المستنصر المرواني، ثم وزر للمظفر، ووزر أبو محمد للمستظهر عبد الرحمن بن هشام، ثم نبذ هذه الطريقة، وأقبل على العلوم الشرعية، وعني بعلم المنطق وبرع فيه، ثم أعرض عنه. - قلت: ما أعرض عنه حتى زرع في باطنه أمورا وانحرافا عن السنة - قال: وأقبل على علوم الاسلام حتى نال من ذلك ما لم ينله أحد بالأندلس قبله (1).
وقد حط أبو بكر بن العربي على أبي محمد في كتاب " القواصم والعواصم " (2)، وعلى الظاهرية، فقال: هي أمة سخيفة، تسورت على مرتبة ليست لها، وتكلمت بكلام لم نفهمه (3)، تلقوه (4) من إخوانهم الخوارج حين حكم علي - رضي الله عنه - يوم صفين، فقالت، لا حكم إلا لله. وكان أول