سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٤ - الصفحة ٧١
وقد ساح النوري إلى الشام، وأخذ عن أحمد بن أبي الحواري، وقد جرت له محنة، وفر عن بغداد في قيام غلام خليل على الصوفية، فأقام بالرقة مدة متخليا منعزلا. حكى ذلك أبو سعيد بن الأعرابي، قال: ثم عاد إلى بغداد وقد فقد جلاسه وأناسه وأشكاله، فانقبض لضعف قوته، وضعف بصره.
وقال أبو نعيم: سمعت عمر البناء [البغدادي] بمكة يحكي محنة غلام خليل، قال: نسبوا الصوفية إلى الزندقة، فأمر الخليفة المعتمد في سنة أربع وستين ومئتين بالقبض عليهم، فأخذ في جملتهم النوري، فأدخلوا على الخليفة، فأمر بضرب أعناقهم، فبادر النوري إلى السياف، فقيل له في ذلك، فقال: آثرت حياتهم على نفسي ساعة، فتوقف السياف [عن قتله، ورفع أمره إلى الخليفة]، فرد الخليفة أمرهم إلى قاضي القضاة إسماعيل بن إسحاق، فسأل أبا الحسين النوري عن مسائل في العبادات، فأجاب، ثم قال: وبعد هذا، فلله عباد ينطقون بالله، ويأكلون بالله، ويسمعون بالله، فبكى إسماعيل القاضي، وقال: إن كان هؤلاء القوم زنادقة، فليس في الأرض موحد. فأطلقوهم (1) أبو نعيم (2)، سمعت أبا الفرج الورثاني، سمعت علي بن عبد الرحيم يقول: دخلت على النوري، فرأيت رجليه منتفختين، فسألته [عن أمره] فقال: طالبتني نفسي بأكل تمر، فدافعتها، فأبت [علي] فاشتريته، فلما أكلت، قلت: فومي فصلي، فأبت، فقلت: لله علي إن قعدت على الأرض أربعين يوما، فما قعدت يعني إلا في صلاة.

(1) الخبر مطولا في " حلية الأولياء " 10 / 250 251، و " تاريخ بغداد " 5 / 134 وما بين حاصرتين منهما.
(2) في " الحلية " 10 / 251.
(٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 ... » »»