سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٤ - الصفحة ٧٣
الاتحاد (1)، فإنه زندقة.
قال فارس الحمال: رأيت النوري خرج من البادية، ولم يبق منه إلا خاطره، فقال له رجل: هل يلحق الاسرار ما يلحق الصفات؟ يريد الضنا الذي رأى به، فقال: إن الله (2) أقبل على الاسرار فحملها، وأعرض عن الصفات فمحقها، ثم أنشأ يقول:
أهكذا صيرني * أزعجني عن وطني!
حتى إذا غبت به * وإذ بدا غيبني (3) واصلني. حتى إذا * واصلته قاطعني يقول لا تشهد ما * تشهد أو تشهدني (4) قال: ولما مات النوري قال الجنيد: ذهب نصف العلم بموته.
وقيل: قال النوري للجنيد: غششتهم فصدروك، ونصحت لهم فرموني بالحجارة.
قيل: كان النوري يلهج بفناء صفات العارف، فكان ذلك أبو جاد فناء ذات العارف كما زعمت الاتحادية، فقالوا بتعميم فناء السوى، وقالوا: ما في الكون سوى الله، وصرحوا بأنه تعالى اتحد لخلقه، وأنت أنا، وأنا أنت، وأنشدوا:

(1) انظر في تعريف " الاتحاد " ما كتبه محمد فريد وجدي في " دائرة معارف القرن العشرين " 10 / 678 684.
(2) لفظ " الحلية ": إن الحق.
(3) رواية البيت في الحلية كما يلي:
حتى إذا غبت بدا * وإن بدا غيبني (4) الخبر والأبيات في " حلية الأولياء " 10 / 250.
(٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 ... » »»