سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٤ - الصفحة ٧٢
وعن النوري قال: من رأيته يدعي مع الله حالة تخرج عن الشرع، فلا تقربن منه.
قال أبو العباس بن عطاء: سمعت أبا الحسين النوري يقول: كان في نفسي من هذه الكرامات، فأخذت من الصبيان قصبة، ثم قمت بين زورقين وقلت: وعزتك لئن لم تخرج لي سمكة فيها ثلاثة أرطال لأغرقن نفسي.
قال: فخرجت لي سمكة ثلاثة أرطال. قال: فبلغ ذلك الجنيد، فقال كان حكمه أن تخرج له أفعى فتلدغه.
وعن النوري قال: سبيل الفانين الفناء في محبوبهم، وسبيل الباقين البقاء ببقائه، ومن ارتفع عن الفناء والبقاء، فحينئذ لا فناء ولا بقاء.
عن القناد قال: كتبت إلى النوري وأنا حدث:
إذا كان كل المرء في الكل فانيا * أبن لي عن أي الوجودين يخبر فأجاب لوقته:
إذا كنت فيما ليس بالوصف فانيا * فوقتك في الأوصاف عندي تحير (1) قلت: هذا يحتاج إلى شرح طويل، وتحرز عن الفناء الكلي، ومرادهم بالفناء، فناء الأوصاف النفسانية ونحوها، ونسيانها بالاشتغال بالله تعالى وبعبادته، فإن ذات العارف وجسده لا ينعدم ما عاش، والكون وما حوى فمخلوق والله خالق كل شئ ومبدعه، أعاذنا الله وإياكم من قول

(1) الخبر والبيتان في " حلية الأولياء " 10 / 253 254، ولفظ البيت الأول في " الحلية ":
إذا كان كل الكل في النور فانيا * أبن لي عن أي الوجودين أخبر
(٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 ... » »»