قال ابن جهضم: حدثني أبو بكر الجلاء قال: كان النوري إذا رأى منكرا غيره، ولو كان فيه تلفه. نزل يوما، فرأى زورقا فيه ثلاثون دنا، فقال للملاح: ما هذا؟ قال: ما يلزمك؟ فألح عليه، فقال: أنت والله صوفي كثير الفضول، هذا خمر للمعتضد، قال: أعطني ذلك المدري، فاغتاظ وقال لأجيره: ناوله حتى أبصر ما يصنع، فأخذه، ونزل فكسرها كلها غير دن، فأخذ وأدخل إلى المعتضد، فقال: من أنت ويلك؟ قال: محتسب، قال: ومن ولاك الحسبة؟ قال: الذي ولاك الإمامة يا أمير المؤمنين! فأطرق: وقال: ما حملك على فعلك؟ قال: شفقة مني عليك! قال: كيف سلم هذا الدن؟
فذكر أنه كان يكسر الدنان ونفسه مخلصة خاشعة، فلما وصل إلى هذا الدن أعجبته نفسه، فارتاب فيها، فتركه.
عن أبي أحمد المغازلي قال: ما رأيت أحدا قط أعبد من النوري.
قيل: ولا الجنيد؟ قال: ولا الجنيد.
وقيل: إن الجنيد مرض مرة فعاده النوري، فوضع يده عليه، فعوفي لوقته.
توفي النوري قبل الجنيد، وذلك في سنة خمس وتسعين ومئتين، وقد شاخ رحمه الله. وقد مر موت الجنيد في سنة ثمان وتسعين (1).
قال أبو بكر العطوي: كنت عند الجنيد لما احتضر، فختم القرآن ثم ابتدأ سورة البقرة، فتلا سبعين آية ومات.
قال الخلدي: رأيته في النوم فقلت: ما فعل الله بك؟ فقال: طاحت