سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٤ - الصفحة ٢١٣
قال: فقريش في جاهليتها كانت تعرف الله؟ قلت: لا، قال: فقد أخبر الله تعالى عنهم أنهم قالوا: (ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله) [الزمر: 3] قلت: لما أشركوا معه غيره، قالوا، وإنما يعرف الله من قال: إنه لا شريك له. وقال تعالى: (قل يا أيها الكافرون * لا أعبد ما تعبدون) [الكافرون:
1 - 2] فلو كانوا يعبدونه ما قال: (لا أعبد ما تعبدون). إلى أن قال:
فقلت: المشركون عبدة الأصنام الذين بعث النبي صلى الله عليه وسلم إليهم عليا ليقرأ عليهم سورة براءة (1)، قال: وما الأصنام؟ قلت: الحجارة، قال: والحجارة أتعبد؟
قلت: نعم، والعزى كانت تعبد وهي شجرة، والشعرى كانت تعبد وهي نجم. قال: فالله يقول: (أمن لا يهدي (2) إلا أن يهدى) [يونس: 35] فكيف تقول: إنها الحجارة؟ والحجارة لا تهتدي إذا هديت، لأنها ليست من ذوات العقول. قلت: أخبرنا الله أن الجلود تنطق وليست بذوات عقول، قال: نسب إليها النطق مجازا. قلت: منزل القرآن يأبى ذلك فقال: (اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم) [يس: 65] إلى أن قال: (قالوا: أنطقنا الله الذي أنطق كل شئ) [فصلت: 21] وما الفرق

(1) أخرج البخاري: 8 / 238 240 في أول سورة براءة، من حديث حميد بن عبد الرحمن: أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: بعثني أبو بكر في تلك الحجة في مؤذنين بعثهم يوم النحر يؤذنون بمنى: ألا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان. قال حميد: ثم أردف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعلي بن أبي طالب، وأمره أن يؤذن ببراءة. قال أبو هريرة: فأذن معنا علي يوم النحر في هل منى ببراءة، وأن لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان ".
وانظر " المسند " 2 / 299، والنسائي: 5 / 234، والطبري (16370) و (16371) و (16373) و (16375) و " المستدرك " 2 / 331، وابن كثير في " تفسيره " 2 / 331 332، والبداية: 5 / 36 39.
(2) بفتح الياء وكسر الهاء وتشديد الدال المكسورة، وفي آخرها ياء، وهي قراءة حفص. ولها أيضا قراءات متعددة انظرها في " النشر " 2 / 283.
(٢١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 ... » »»