وقال في: (لا تحزن إن الله معنا) [التوبة: 40] إنما نهاه النبي صلى الله عليه وسلم عن حزنه لأنه كان مسخوطا. قلت: لم يكن قوله إلا تبشيرا بأنه آمن على رسول الله وعلى نفسه، فقال أين نظير ما قلت؟ قلت: قوله لموسى وهارون:
(لا تخافا إنني معكما كسمع وأرى) [طه: 46] فلم يكن خوفهما من فرعون خوفا بسخط الله.
ثم قال: يا أهل البلدة: إنكم تبغضون عليا؟ قلت: على مبغضه لعنة الله. فقال: صلى الله عليه. قلت: نعم، ورفعت صوتي: صلى الله عليه وسلم، لان الصلاة في خطاب العرب الرحمة والدعاء، قال: ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى "؟ قلت: نعم، إلا أنه قال: " إلا أنه لا نبي بعدي " (1). وهارون كان حجة في حياة موسى، وعلي لم يكن حجة في حياة النبي، وهارون فكان شريكا، أفكان علي شريكا للنبي صلى الله عليه وسلم في النبوة؟! وإنما أراد التقريب والوزارة والولاية. قال: أوليس هو أفضل؟ قلت: أليس الحق متفقا عليه؟ قال: نعم. قلت: قد ملكت مدائن قبل مدينتنا، وهي أعظم مدينة، واستفاض عنك أنك لم تكره أحدا على مذهبك، فاسلك بنا مسلك غيرنا ونهضنا.
قال ابن الحداد: ودخلت يوما على أبي العباس، فأجلسني معه في مكانه وهو يقول لرجل: أليس المتعلم محتاجا إلى المعلم أبدا؟ فعرفت أنه