وكان مناقضا للعراقيين، فدارت عليه دوائر في أيام عبيد الله، وضرب بالسياط، ثم سعوا به عند دخول الشيعي إلى القيروان، وكانت الشيعة تميل إلى العراقيين لموافقتهم لهم في مسألة التفضيل ورخصة مذهبهم، فرفعوا إلى أبي عبد الله الشيعي: أن ابن البر دون وأبا بكر بن هذيل يطعنان في دولتهم، ولا يفضلان عليا. فحبسهما، ثم أمر متولي القيروان أن يضرب ابن هذيل خمس مئة سوط، ويضرب عنق ابن البر دون، فغلط المتولي فقتل ابن هذيل، وضرب ابن البر دون، ثم قتله من الغد.
وقيل لابن البر دون لما جرد للقتل: أترجع عن مذهبك؟ قال: أعن الاسلام أرجع؟ ثم صلبا في سنة تسع وتسعين ومئتين. وأمر الشيعي الخبيث أن لا يفتى بمذهب مالك، ولا يفتى إلا بمذهب أهل البيت، ويرون إسقاط طلاق البتة، فبقي من يتفقه لمالك إنما يتفقه خفية.
قال الحسين بن سعيد الخراط: كان ابن البر دون بارعا في العلم، يذهب مذهب النظر، لم يكن في شباب عصره أقوى على الجدل وإقامة الحجة منه. سمع من عيسى بن مسكين، ويحيى بن عمر، وجماعة. ولما أتي به إلى ابن أبي خنزير، وقف، فقال له: يا خنزير. فقال ابن البر دون:
الخنازير معروفة بأنيابها. فغضب وضرب عنقه.
وقال محمد بن خراسان: لما وصل عبيد الله إلى رقادة (1)، طلب من القيروان ابن البر دون، وابن هذيل، فأتياه وهو على السرير، وعن يمينه أبو عبد الله الشيعي، وأخوه أبو العباس عن يساره، فقال: أتشهدان أن هذا