سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٤ - الصفحة ٢١٢
تنكحوا المشركات غير الكتابيات من قبلكم حتى يؤمن، قال: ومن هن المحصنات؟ قلت: العفائف، قال: بل المتزوجات. قلت: الاحصان في اللغة: الاحراز، فمن أحرز شيئا فقد أحصنه، والعتق يحصن المملوك لأنه يحرزه عن أن يجري عليه ما على المماليك، والتزويج يحصن الفرج لأنه أحرزه عن أن يكون مباحا، والعفاف إحصان للفرج. قال: ما عندي الاحصان إلا التزويج. قلت له: منزل القرآن يأبى ذلك، قال: (ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها) [التحريم: 12] أي أعفته وقال: (محصنات غير مسافحات) [النساء: 25] عفائف، قال: فقد قال في الإماء: (فإذا أحصن) [النساء: 25] وهن عندك قد يكن عفائف. قلت: سماهن بمتقدم إحصانهن قبل زناهن، قال تعالى: (ولكم نصف ما ترك أزواجكم) [النساء: 12]. وقد انقطعت العصمة بالموت، يريد اللاتي كن أزواجكم، قال: يا شيخ! أنت تلوذ قلت: لست ألوذ. أنا المجيب لك، وأنت الذي تلوذ بمسألة أخرى، وصحت: ألا أحد يكتب ما أقول وتقول. قال: فوقى الله شره. وقال: كأنك تقول: أنا أعلم الناس. قلت: أما بديني فنعم.
قال: فما تحتاج إلى زيادة فيه؟ قلت: لا، قال: فأنت إذا أعلم من موسى إذ يقول: (هل أتبعك على أن تعلمني) [الكهف: 66] قال: هذا طعن على نبوة موسى، موسى ما كان محتاجا إليه في دينه، كلا، إنما كان العلم الذي عند الخضر دنياويا: سفينة خرقها، وغلاما قتله، وجدارا أقامه، وذلك كله لا يزيد في دين موسى، قال: فأنا أسألك. قلت: أورد وعلي الاصدار بالحق بلا مثنوية (1)، قال: ما تفسير الله؟ قلت: ذو الإلهية، قال: وما هي؟ قلت: الربوبية، قال: وما الربوبية؟ قلت: المالك الأشياء كلها،

(1) أي: بلا استثناء.
(٢١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 ... » »»