سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٤ - الصفحة ٢١١
يريد الطعن على الصديق في سؤاله عن فرض الجدة (1)، فبدرت وقلت:
المتعلم قد يكون أعلم من المعلم وأفقه وأفضل لقوله عليه السلام: " رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه. " (2). ثم معلم الصغار القرآن يكبر أحدهم ثم يصير أعلم من المعلم. قال: فاذكر من عام القرآن وخاصه شيئا؟ قلت:
قال تعالى: (ولا تنكحوا المشركات) [البقرة: 221] فاحتمل المراد بها العام، فقال تعالى: (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم) [المائدة: 5] فعلمنا أن مراده بالآية الأولى خاص، أراد: ولا

(١) إشارة إلى الحديث الذي رواه مالك في " الموطأ " ٢ / ٥٤ في الفرائض: باب ميراث الجدة، وأبو داود (٢٨٩٤) في الفرائض: باب في الجدة، والترمذي (٢١٠٢) فيه أيضا: باب ميراث الجدة وابن ماجة (٢٧٢٤) في الفرائض: باب ميراث الجدة، من حديث قبيصة بن ذؤيب أنه قال: جاءت الجدة إلى أبي بكر تسأله ميراثها، فقال: ما لك في كتاب الله من شئ، وما علمت لك في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا، فارجعي حتى أسأل الناس، فسأل الناس، فقال المغيرة بن شعبة: حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاها السدس، فقال: هل معك غيرك؟ فقام محمد بن مسلمة الأنصاري فقال مثل ما قال المغيرة، فأنفذ لها أبو بكر السدس.
ثم جاءت الجدة الأخرى إلى عمر بن الخطاب تسأله ميراثها، فقال: ما لك في كتاب الله من شئ، وما كان القضاء الذي قضي به إلا لغيرك، وما أنا بزائد في الفرائض شيئا، ولكن هو ذلك السدس، فإن اجتمعتما فيه فهو بينكما، وأيتكما خلت به فهو لها ".
قال الترمذي: حسن صحيح، وصححه الحاكم: 4 / 338، وابن حبان (1224) وقال الحافظ في " التلخيص " 3 / 82: وإسناده صحيح لثقة رجاله إلا أن صورته مرسل، فإن قبيصة لا يصح له سماع من الصديق، ولا يمكن شهوده للقصة.
(2) قطعة من حديث صحيح، أخرجه الشافعي: 1 / 14، والترمذي (2658) في العلم: باب في الحث على تبليغ السماع، من حديث ابن مسعود: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" نضر الله عبدا سمع مقالتي، فحفظها ووعاها وأداها، فرب حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ". قال الترمذي: وهذا حديث حسن صحيح.
وفي الباب عن زيد بن ثابت عند أحمد: 5 / 183، وأبي داود (3660) والترمذي (2656) وابن ماجة (230) والدارمي: 1 / 75، وقد صححه الحافظ ابن حجر وغيره. وعن جبير بن مطعم عند أحمد: 4 / 80، وابن ماجة (231) والدارمي: 1 / 74 و 75. وعن أبي الدرداء عند الدارمي: 1 / 75 76، وعن أنس عند أحمد: 3 / 225.
(٢١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 ... » »»