سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١١ - الصفحة ٢٧٦
قال. وجعل يعقوب وغياث يصيران إليه، ويقولان له: يقول لك أمير المؤمنين: ما تقول في ابن أبي دواد وفي ماله؟ فلا يجيب بشئ.
وجعل يعقوب ويحيى يخبرانه بما يحدث في أمر ابن أبي دواد. ثم بعث إلى بغداد بعد ما أشهد عليه ببيع ضياعه. وكان ربما جاء يحيى بن خاقان - وأبو عبد الله يصلي - فيجلس في الدهليز حتى يفرغ من الصلاة.
وأمر المتوكل أن تشترى لنا دار، فقال: يا صالح، قلت: لبيك.
قال: لئن أقررت لهم بشراء دار، لتكونن القطيعة بيني وبينكم، إنما يريدون أن يصيروا هذا البلد لي مأوى. فلم يزل يدافع بشراء الدار حتى اندفع.
وجعلت رسل المتوكل تأتيه، يسألونه عن خبره، ويرجعون، فيقولون:
هو ضعيف. وفي خلال ذلك يقولون: يا أبا عبد الله، لابد من أن يراك.
وجاءه يعقوب، فقال: أمير المؤمنين مشتاق إليك، ويقول: انظر يوما تصير فيه أي يوم حتى أعرفه، فقال: ذاك إليكم، فقال: يوم الأربعاء، وخرج.
فلما كان من الغد، جاء فقال: البشرى يا أبا عبد الله! إن أمير المؤمنين يقرأ عليك السلام، ويقول: قد أعفيتك من لبس السواد والركوب إلى ولاة العهود وإلى الدار، فالبس ما شئت (1). فجعل يحمد الله على ذلك.
ثم قال يعقوب: إن لي ابنا أنا به معجب، وإن له في قلبي موقعا، فأحب أن تحدثه بأحاديث، فسكت. فلما خرج، قال: أتراه لا يرى ما أنا فيه؟!!.
وكان يختم القرآن من جمعة إلى جمعة، وإذا ختم، دعا، ونحن

(1) في " تاريخ الاسلام ": " فالبس القطن، وإن شئت فالبس الصوف ".
(٢٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 ... » »»