سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١١ - الصفحة ٢٥٤
الخلافة، فرأيت خلقا لا يحصيهم إلا الله، والصحف في أيديهم، والأقلام والمحابر. فقال لهم المروذي: ماذا تعملون؟ قالوا: ننظر ما يقول أحمد، فنكتبه. فدخل فأخبره. فقال: يا مروذي! أضل هؤلاء كلهم؟!
فهذه حكاية منقطعة (1).
قال ابن أبي حاتم: حدثنا عبد الله بن محمد بن الفضل الأسدي، قال: لما حمل أحمد ليضرب، جاؤوا إلى بشر بن الحارث، وقالوا: قد وجب عليك أن تتكلم. فقال: أتريدون مني أقوم مقام الأنبياء، ليس ذا عندي. حفظ الله أحمد من بين يديه ومن خلفه.
الحسن بن محمد بن عثمان الفسوي: حدثنا داود بن عرفة، حدثنا ميمون بن أصبغ، قال: كنت ببغداد (2)، وامتحن أحمد. فأخذت مالا له خطر، فذهبت به إلى من يدخلني إلى المجلس. فأدخلت، فإذا السيوف قد جردت، وبالرماح قد ركزت، وبالتراس (3) قد صففت، وبالسياط قد وضعت (4). وألبست قباء أسود ومنطقة وسيفا. ووقفت حيث أسمع الكلام. فأتى أمير المؤمنين، فجلس على كرسي. وأتي بأحمد، فقال

(1) هكذا قال الذهبي. ونقلها ابن الجوزي أيضا في " مناقب الإمام أحمد " ص: 329، 330 ثم قال: هذا رجل هانت عليه نفسه في الله تعالى فبذلها، كما هانت على بلال نفسه. وقد روينا عن سعيد بن المسيب أنه كانت نفسه عليه في الله تعالى أهون من نفس ذباب. وإنما تهون أنفسهم عليهم لتلمحهم العواقب. فعيون البصائر ناظرة إلى المآل، لا إلى الحال. وشدة ابتلاء أحمد دليل على قوة دينه، لأنه قد صح عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: " يبتلى المرء على حسب دينه ". فسبحان من أيده وبصره، وقواه ونصره.
(2) في تاريخ الاسلام زيادة بعد " ببغداد ": "... فسمعت ضجة، فقلت: ما هذا؟
قالوا: أحمد ممتحن... " (3) التراس، بكسر التاء: جمع ترس، بضمها، وهو الذي يتوقى به من السلاح.
ويجمع أيضا على أتراس وتروس.
(4) في " تاريخ الاسلام ": " طرحت ".
(٢٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 ... » »»