سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٠ - الصفحة ٣٠٨
أخبرني عن ما دعوتم الناس إليه، أعلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم فما دعا إليه، أم شئ لم يعلمه؟ قال: بل علمه. قال: فكان يسعه أن لا يدعو الناس إليه، وأنتم لا يسعكم؟! فبهتوا، وضحك الواثق، وقام قابضا على فمه، ودخل مجلسا، ومد رجليه وهو يقول: أمر وسع رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسكت عنه ولا يسعنا! ثم أمر أن يعطى الشيخ ثلاث مئة دينار، وأن يرد إلى بلده (1).
وعن طاهر بن خلف قال: سمعت المهتدي بالله بن الواثق يقول:
كان أبي إذا أراد أن يقتل رجلا، أحضرنا، قال: فأتي بشيخ مخضوب مقيد، فقال أبي: ائذنوا لأحمد بن أبي دواد وأصحابه، وأدخل الشيخ، فقال: السلام عليكم يا أمير المؤمنين، فقال: لا سلم الله عليك، قال:
بئس ما أدبك مؤدبك، قال الله تعالى: [وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها] [النساء: 86]، فقال أحمد: الرجل متكلم. قال:
كلمه. فقال: يا شيخ، ما تقول في القرآن؟ قال: لم تنصفني ولي السؤال، قال: سل. قال: ما تقول أنت؟ قال: مخلوق. قال: هذا شئ علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر والخلفاء، أم لم يعلموه؟ فقال:
شئ لم يعلموه، قال: سبحان الله، شئ لم يعلموه وعلمته أنت؟!
فخجل، وقال: أقلني. قال: المسألة بحالها، ما تقول في القرآن؟
قال: مخلوق، قال: شئ علمه رسول الله؟ قال: علمه، قال: أعلمه ولم يدع الناس إليه؟ قال: نعم. قال: فوسعه ذلك؟ قال: نعم. قال:
أفلا وسعك ما وسعه، ووسع الخلفاء بعده؟ فقام الواثق، فدخل الخلوة،

(١) " فوات الوفيات " 4 / 229، و " عيون التواريخ " 8 / لوحة 168، و " تاريخ الخلفاء " ص 368.
(٣٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 303 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 ... » »»