فدخلوا إشبيلية بالسيف، ولم يكن لها سور بعد، فجهز لحربهم أمير الأندلس عبد الرحمن المرواني جيشا، فالتقوا، فانهزم الأردمانيون، وأسر منهم أربعة آلاف ولله الحمد.
قال زرقان بن أبي دواد: لما احتضر الواثق، ردد هذين البيتين:
الموت فيه جميع الخلق مشترك * لا سوقة منهم يبقى ولا ملك ما ضر أهل قليل في تفرقهم * وليس يغني عن الاملاك ما ملكوا ثم أمر بالبسط، فطويت، وألصق خده بالتراب، وجعل يقول: يا من لا يزول ملكه، ارحم من قد زال ملكه (1).
وروى أحمد بن محمد الواثقي أمير البصرة، عن أبيه، قال: كنت أمرض الواثق، فلحقته غشية، فما شككنا أنه مات، فقال بعضنا لبعض:
تقدموا، فما جسر أحد سواي، فلما أن أردت أن أضع يدي على أنفه، فتح عينيه، فرعبت، ورجعت إلى خلف، فتعلقت قبيعة (2) سيفي بالعتبة، فعثرت، واندق السيف، وكاد أن يجرحني، واستدعيت سيفا، وجئت، فوقفت ساعة، فتلف الرجل، فشددت لحييه وغمضته وسجيته، وأخذ الفراشون ما تحته ليردوه إلى الخزائن، وترك وحده، فقال ابن أبي دواد: إنا نريد أن نتشاغل بعقد البيعة، فاحفظه، فرددت باب المجلس، وجلست عند الباب، فحسست بعد ساعة بحركة أفزعتني، فأدخل، فإذا بجرذون قد استل عين الواثق فأكلها، فقلت: لا إله إلا الله، هذه العين التي فتحها من