سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٠ - الصفحة ٣٠٩
واستلقى وهو يقول: شئ لم يعلمه النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أبو بكر، ولا عمر، ولا عثمان، ولا علي، علمته أنت! سبحان الله، عرفوه، ولم يدعوا إليه الناس! فهلا وسعك ما وسعهم! ثم أمر برفع قيد الشيخ، وأمر له بأربع مئة دينار، وسقط من عينه ابن أبي دواد، ولم يمتحن بعدها أحدا.
في إسنادها مجاهيل، فالله أعلم بصحتها.
وروى نحوا منها أحمد بن السندي الحداد، عن أحمد بن الممتنع، عن صالح بن علي الهاشمي، عن المهتدي بالله. قال صالح: حضرته وقد جلس، والقصص تقرأ عليه، ويأمر بالتوقيع عليها، فسرني ذلك، وجعلت أنظر إليه، ففطن، ونظر إلي، فغضضت عنه، قال: فقال لي: في نفسك شئ تحب أن تقوله، فلما انفض المجلس، أدخلت مجلسه، فقال: تقول ما دار في نفسك، أو أقوله لك؟ قلت: يا أمير المؤمنين، ما ترى؟ قال: أقول: إنه قد استحسنت ما رأيت منا، فقلت في نفسك: أي خليفة خليفتنا إن لم يكن يقول: القرآن مخلوق.
قال: فورد علي أمر عظيم، ثم قلت: يا نفس، هل تموتين قبل أجلك؟! فقلت: نعم، فأطرق، ثم قال: اسمع، فوالله لتسمعن الحق، فسري عني، وقلت: ومن أولى بالحق منك وأنت خليفة رب العالمين (1)؟ قال: ما زلت أقول: القرآن مخلوق صدرا من أيام الواثق حتى أقدم شيخا من أذنة، فأدخل مقيدا، وهو شيخ جميل، حسن الشيبة، فرأيت الواثق قد استحيا منه، ورق له، فما زال يدنيه حتى قرب

(1) الصحابة الكرام رضوان الله عليهم لم يعطوا هذا اللقب لأبي بكر الصديق، وهو أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما قالوا له: يا خليفة رسول الله.
(٣٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 314 ... » »»