نعم وأمر المعتصم، فأركب بابك فيلا، وألبسه الديباج وقلنسوة كبيرة من سمور، وطافوا به، ثم قطعت أربعته وهو ساكت، ثم ذبح، وطيف برأسه بسامراء، ثم بعث بأخيه إلى بغداد، فعمل به كذلك (1)، ويقال: كان أشجع من بابك، فقال: يا بابك قد عملت ما لم يعمله أحد، فاصبر صبرا لم يصبره أحد، قال: سوف ترى، فلما قطعوا يده خضب صورته بالدم، فقال المعتصم: لم فعلت؟ قال: إنك أمرت بقطع أطرافي، وفي نفسك أن لا تكويها، فينزف الدم، فيصفر لوني، فتظنونه جزعا مني، فقال: لولا أن أفعاله لا تسوغ الصنيعة والعفو لأستبقيته، ثم أحرق (2).
وقيل: إنه أباد من الأمة خلائق. وبخط الإمام ابن الصلاح: أن قتلى بابك بلغوا ألف ألف وخمس مئة ألف (3)، وأحصي قتلى أبي مسلم الخراساني، فبلغوا ألفي ألف.
وفيها: التقى طاغية الروم والأفشين، فهزمه ولكن بعد أيام، وخرب المعتصم أنقرة، وأنكى في الروم، وأخذ عمورية عنوة (4)، وأوطأ الروم خوفا وذلا، وأخذ بثأر الاسلام من الطاغية توفيل بن ميخائيل الذي أغار علي زبطرة، وملطية. فدخل المعتصم الروم في مئتي ألف مقاتل وأزيد، حتى لقيل: كان في خمس مئة ألف، وصمم على محاصرة قسطنطينية،