سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٠ - الصفحة ٢٦
منه سفينة - ثم ألقى علي مسألة في الفقه، فأجبت، فأدخل شيئا أفسد جوابي، فأجبت بغير ذلك، فأدخل شيئا أفسد جوابي، فجعلت كلما أجبت بشئ، أفسده، ثم قال لي: هذا الفقه الذي فيه الكتاب والسنة وأقاويل الناس، يدخله مثل هذا، فكيف الكلام في رب العالمين، الذي فيه الزلل كثير؟ فتركت الكلام، وأقبلت على الفقه (1).
عبد الله بن أحمد بن حنبل: سمعت محمد بن داود يقول: لم يحفظ في دهر الشافعي كله أنه تكلم في شئ من الأهواء، ولا نسب إليه، ولا عرف به، مع بغضه لأهل الكلام والبدع.
وروى عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، قال: كان الشافعي، إذا ثبت عنده الخبر، قلده، وخير خصلة كانت فيه لم يكن يشتهي الكلام، إنما همته الفقه.
وقال أبو عبد الرحمن السلمي: سمعت عبد الرحمن بن محمد بن حامد السلمي، سمعت محمد بن عقيل بن الأزهر يقول: جاء رجل إلى المزني يسأله عن شئ من الكلام، فقال: إني أكره هذا، بل أنهى عنه كما نهى عنه الشافعي، لقد سمعت الشافعي يقول: سئل مالك عن الكلام والتوحيد، فقال: محال أن نظن بالنبي صلى الله عليه وسلم أنه علم أمته الاستنجاء، ولم يعلمهم التوحيد، والتوحيد ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله " (2)، فما عصم به الدم والمال حقيقة التوحيد.

دلالة على حسن معرفته بذلك، وأنه يجب الكشف عن تمويهات أهل الالحاد عند الحاجة إليه. وأراد بالكلام: ما وقع فيه أهل الالحاد من الالحاد، وأهل البدع من البدع، والله أعلم.
(1) " مناقب " البيهقي 1 / 458، و " تاريخ ابن عساكر " 15 / 8 / 1 (2) هذا الحديث رواه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عمر، وأبو هريرة، وجابر، وأنس بن مالك، والنعمان بن بشير، وأوس بن حذيفة، وطارق الأشجعي، فحديث ابن عمر أخرجه البخاري 1 / 70، 71، ومسلم (22)، وحديث أبي هريرة أخرجه البخاري 3 / 211، و 12 / 244، ومسلم (21)، وأبو داود (2640)، والترمذي (2610)، وحديث جابر أخرجه مسلم (21) (35)، والترمذي (3338)، وحديث أنس أخرجه البخاري 1 / 417، وأبو داود (2641)، والترمذي (2609)، والنسائي 7 / 75 و 8 / 109، وحديث النعمان بن بشير أخرجه النسائي 7 / 79، 80، وحديث أوس بن حذيفة أخرجه النسائي 7 / 80، 81، وحديث طارق الأشجعي أخرجه مسلم (23)، وفي الباب عن غير هؤلاء، وهو حديث متواتر.
(٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 ... » »»