سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٨ - الصفحة ٢٦٢
59 - محمد بن عبد الرحمن بن الحكم * صاحب الأندلس، أبو عبد الله الأموي المرواني.
كان محبا للعلم، مؤثرا لأصحاب الحديث، مكرما لهم، حسن السيرة، وهو الذي نصر بقي بن مخلد الحافظ على أهل الرأي.
قال بقي: ما كلمت أحدا من الملوك أكمل عقلا، ولا أبلغ لفظا من الأمير محمد، ولقد دخلت عليه يوما في مجلس خلافته، فافتتح الكلام بحمد الله، والصلاة على نبيه، ثم ذكر الخلفاء، فحلى كل واحد بحليته وصفته، وذكر مآثره بأفصح لسان حتى انتهى إلى نفسه، فحمد الله على ما قدره، ثم سكت.
قلت: رأى مصنف أبي بكر بن أبي شيبة، إذ نازع أهل الرأي (1) بقي ابن مخلد (2) فأمر بنسخه، وقال: لا تستغني خزانتنا عن هذا.

* العقد الفريد: ٤ / ٤٩٣، جذوة المقتبس: ١١، الكامل لابن الأثير: ٦ / ٢٠١، المغرب: ١ / ٥٢، الحلة السيراء: ٦٤، البيان المغرب: ٢ / ٩٦، الوافي بالوفيات:
٣
/ 224، ابن خلدون: 4 / 130، أخبار مجموعة: 141، نفح الطيب: 1 / 350.
(1) لقد خصص ابن أبي شيبة في كتابه " المصنف " جزءا أورد فيه الأحاديث التي ادعى أن أهل الرأي خالفوها، وقد رد عليه العلامة المحدث الشيخ زاهد الكوثري في كتابه " النكت الطريفة " فراجعه. قال ابن حزم: فلما دخل بقي بن مخلد الأندلسي بمصنف ابن أبي شيبة، وقرئ عليه، أنكر عليه جماعة من أهل الرأي ما فيه من الخلاف واستبشعوه، وقام جماعة من العامة عليه، ومنعوه من قراءته، فاستحضره الأمير محمد وإياهم، وتصفح الكتاب جزءا جزءا، حتى أتى على آخره، ثم قال لخازن كتبه: هذا الكتاب لا تستغني خزانتنا عنه، فانظر في نسخه لنا، وقال لبقي: انشر علمك وارو ما عندك، ونهاهم أن يتعرضوا له. " نفح الطيب " 2 / 519، و " جذوة المقتبس " 10، و " المغرب " 1 / 52.
(2) هو الامام شيخ الاسلام أبو عبد الرحمن القرطبي، صاحب المسند الكبير الذي روى فيه عن ألف وثلاث مئة صاحب ونيف، ورتب حديث كل صاحب على أبواب الفقه، فهو مسند ومصنف، وكان إماما ثقة ضابطا متقنا مجتهدا لا يقلد أحدا بل يفتي بالأثر. " تذكرة الحفاظ " 2 / 629، 630.
(٢٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 ... » »»