سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٨ - الصفحة ٢٤٦
أمراء العرب، وشيوخ البربر، فلما استحكم الامر، أظهروا بيعته بعد ثمانية أشهر، وذلك في ربيع الآخر سنة ثمان وثلاثين ومئة، فقصد قرطبة، ومتولي الأندلس يومئذ: يوسف الفهري، فاستعد جهده، فالتقوا، فانهزم يوسف، ودخل عبد الرحمن بن معاوية الداخل قصر قرطبة يوم الجمعة، يوم الأضحى من العام، ثم حاربه يوسف ثانيا، ودخل قرطبة، واستولى عليها، وكر عبد الرحمن عليه، فهرب يوسف والتجأ إلى غرناطة، فامتنع بإلبيرة، فنازله عبد الرحمن وضيق عليه، ورأى يوسف اجتماع الامر للداخل، فنزل بالأمان بمحضر من قاضي الأندلس يحيى بن يزيد التجيبي، وكان رجلا صالحا، استعمله على القضاء عمر بن عبد العزيز، فزاده الداخل إجلالا وإكراما، فبقي على قضائه إلى أن مات سنة اثنتين وأربعين ومئة، فاستعمل على القضاء معاوية بن صالح، فلما أراد معاوية هذا، الحج، وجهه الداخل إلى أختيه بالشام، وعمته رملة بنت هشام، ليعمل الحيلة في إدخالهن إلى عنده، وأنشد عند ذلك:
أيها الركب الميمم أرضي * أقر من بعضي السلام لبعضي إن جسمي كما علمت بأرض * وفؤادي ومالكيه بأرض قدر البين بيننا فافترقنا * فطوى البين عن جفوني غمضي وقضى الله بالفراق علينا * فعسى باجتماعنا سوف يقضي (1) فلما وصل إليهن، قلن: السفر، لا نأمن غوائله على القرب، فكيف وقد حالت بيننا بحار ومفاوز، ونحن حرم، وقد آمننا هؤلاء القوم على معرفتهم

(1) الأبيات في " نفح الطيب " 3 / 38، 54، و " جذوة المقتبس " 9، و " الحلة السيراء " 1 / 36، وذكر صاحب المغرب 1 / 103 أن معاوية بن صالح القاضي أنشدها، وقد نسبت لعبد الرحمن المرواني الداخل، وفي ألفاظها بعض اختلاف.
(٢٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 251 ... » »»