دخل عبد الرحمن بن معاوية الأندلس في سنة ثمان وثلاثين.
ومولده بأرض تدمر سنة ثلاث عشرة ومئة، في خلافة جده.
وأما أبو القاسم بن بشكوال الحافظ، فقال: فر من المشوق عند انقراض ملكهم، هو وأخوان أصغر منه، وغلام لهم، فلم يزالوا يخفون أنفسهم، والجعائل قد جعلت عليهم، والمراصد، فسلكوا حتى وصلوا وادي بجاية (1)، فبعثوا الغلام يشتري لهم خبزا فأنكرت الدراهم، وقبض على الغلام، وضرب فأقر، فأركبوا خيلا، فرأى عبد الرحمن الفرسان، فتهيأ للسباحة، وقال لأخويه: اسبحا معي، فنجا هو وقصرا، فأشاروا إليهما بالأمان، فلما حصلا في أيديهم ذبحوهما، وأخوهما ينظر من هناك، ثم آواه شيخ كريم العهد، وقال: لأسترنك جهدي، فوقع عليه التفتيش ببجاية، إلى أن جاء الطالب إلى دار الشيخ، وكان له امرأة ضخمة، فأجلسها تتسرح، وأخفى عبد الرحمن تحت ثيابها، وصيح الشيخ: يا سبحان الله، الحرم، فقالوا: غط أهلك، وخرجوا، وستره الله مدة، ثم دخل الأندلس في قارب سماك، فحصل بمدينة المنكب (2).
وكان قواد الأندلس وجندها موالي بني أمية، فبعث إلى قائد، فأعلمه بشأنه، فقبل يديه وفرح به، وجعله عنده، ثم قال: جاء الذي كنا نتحدث أنه إذا انقرض ملك بني أمية بالمشرق، نبغ منهم عبد الرحمن بالمغرب، ثم كتب إلى الموالي، وعرفهم، ففرحوا وأصفقوا (3) على بيعته، واستوثقوا من