سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٤ - الصفحة ٣٤٠
قال خلف بن خليفة، عمن حدثه: إن سعيد بن جبير لما ندر (1) رأسه هلل ثلاث مرات يفصح بها (2).
يحيى بن حسان التنيسي (3): حدثنا صالح بن عمر، عن داود بن أبي هند، قال: لما أخذ الحجاج سعيد بن جبير قال: ما أراني إلا مقتولا وسأخبركم: إني كنت أنا وصاحبان لي دعونا حين وجدنا حلاوة الدعاء، ثم سألنا الله الشهادة، فكلا صاحبي رزقها، وأنا أنتظرها، قال: فكأنه رأى أن الإجابة عند حلاوة الدعاء (4).
قلت: ولما علم من فضل الشهادة ثبت للقتل ولم يكترث، ولا عامل عدوه بالتقية المباحة له، رحمه الله تعالى.
أحمد بن داود الحراني، حدثنا عيسى بن يونس، سمعت الأعمش يقول: لما جئ بسعيد بن جبير وطلق بن حبيب وأصحابهما، دخلت عليهم السجن، فقلت: جاء بكم شرطي أو جليويز من مكة إلى القتل أفلا كتفتموه وألقيتموه في البرية؟! فقال سعيد: فمن كان يسقيه الماء إذا عطش.
محمد بن عبد الله بن عبد الحكم: حدثنا أبي، سمعت مالكا يقول:
حدثني ربيعة عن سعيد بن جبير، وكان سعيد من العباد العلماء، قتله الحجاج، وجده في الكعبة وناسا فيهم طلق بن حبيب، فسار بهم إلى العراق، فقتلهم عن غير شئ تعلق عليهم به إلا العبادة. فلما قتل سعيد بن جبير، خرج منه دم كثير حتى راع الحجاج، فدعا طبيبا قال له: ما بال دم هذا

(1) ندر الشئ: سقط.
(2) انظر ص 335 رقم (1).
(3) نسبة إلى جزيرة " تنيس " في بحر مصر، قريبة من البر ما بين الفرما ودمياط. (معجم البلدان والأنساب).
(4) الحلية 4 / 274.
(٣٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 335 336 337 338 339 340 341 342 343 344 345 ... » »»