سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٤ - الصفحة ٣٤٥
أحمد بن عبد الرحمن بن وهب: حدثنا عمي، حدثني عبد الله بن عياش، عن أبيه، أن يزيد بن المهلب لما ولي خراسان قال: دلوني على رجل كامل لخصال الخير، فدل على أبي بردة الأشعري. فلما جاء، رآه رجلا فائقا، فلما كلمه رأى من مخبرته أفضل من مرآته، فقال: إني وليتك كذا وكذا من عملي، فاستعفاه، فأبى أن يعفيه، فقال: أيها الأمير، ألا أخبرك بشئ حدثنيه أبي، إنه سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: هاته. قال: إنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من تولى عملا وهو يعلم أنه ليس لذلك العمل بأهل، فليتبوأ مقعده من النار ". وأنا أشهد أيها الأمير أني لست بأهل لما دعوتني إليه.
فقال: ما زدت على أن حرضتنا على نفسك ورغبتنا فيك، فاخرج إلى عهدك فإني غير معفيك. فخرج ثم أقام فيهم ما شاء الله أن يقيم، فاستأذن في القدوم عليه، فأذن له، فقال: أيها الأمير ألا أحدثك بشئ حدثنيه أبي سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: قال: " ملعون من سأل بوجه الله، وملعون من سئل بوجه الله ثم منع سائله، ما لم يسأل هجرا ". وأنا سائلك بوجه الله إلا ما أعفيتني أيها الأمير من عملك. فأعفاه.
رواه الروياني في " مسنده " عن أحمد (1).
قال ابن عيينة: سأل عمر بن عبد العزيز أبا بردة بن أبي موسى: كم

(1) رجاله ثقات إلا عبد الله بن عياش، فقد قال أبو حاتم: ليس بالمتين، صدوق يكتب حديثه، وهو قريب من ابن لهيعة. وضعفه أبو داود والنسائي، وأخرج له مسلم في الشواهد لا في الأصول.
والخبر بتمامه أورده ابن عساكر في تاريخه (عاصم عايذ) 387 من طريق الروياني. والحديث الثاني " ملعون من سأل.. " رواه الطبراني أيضا من حديث أبي موسى الأشعري، وحسنه الحافظ العراقي، وقال الهيثمي: رواه الطبراني عن شيخه يحيى بن عثمان بن صالح وهو ثقة، وفيه ضعف، وبقية رجاله رجال الصحيح، فإذا ضم هذا السند إلى سند الروياني حدث منهما قوة.
(٣٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 340 341 342 343 344 345 346 347 348 349 350 ... » »»