سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٣ - الصفحة ٢٩٩
به؟ وطعنه سنان بن أنس النخعي في ترقوته، ثم طعنه في صدره فخر، واحتز رأسه خولي الأصبحي لا رضي الله عنهما.
ذكر ابن سعد بأسانيد له قالوا: قدم الحسين مسلما، وأمره أن ينزل على هانئ بن عروة، ويكتب إليه بخبر الناس، فقدم الكوفة مستخفيا، وأتته الشيعة، فأخذ بيعتهم، وكتب إلى الحسين: بايعني إلى الآن ثمانية عشر ألفا، فعجل، فليس دون الكوفة مانع، فأغذ السير حتى انتهى إلى زبالة (1)، فجاءت رسل أهل الكوفة إليه بديوان فيه أسماء مئة ألف، وكان على الكوفة النعمان بن بشير، فخاف يزيد أن لا يقدم النعمان على الحسين. فكتب إلى عبيد الله وهو على البصرة. فضم إليه الكوفة، وقال له: إن كان لك جناحان، فطر إلى الكوفة! فبادر متعمما متنكرا، ومر في السوق، فلما رآه السفلة، اشتدوا بين يديه: يظنونه الحسين، وصاحوا: يا ابن رسول الله! الحمد لله الذي أراناك، وقبلوا يده ورجله، فقال: ما أشد ما فسد هؤلاء. ثم دخل المسجد، فصلى ركعتين، وصعد المنبر، وكشف لثامه، وظفر برسول الحسين - وهو عبد الله بن بقطر - فقتله. وقدم مع عبيد الله، شريك بن الأعور - شيعي -، فنزل على هانئ بن عروة، فمرض، فكان عبيد الله يعوده، فهيؤا لعبيد الله ثلاثين رجلا ليغتالوه، فلم يتم ذلك. وفهم عبيد الله، فوثب وخرج، فنم عليهم عبد لهانئ، فبعث إلى هانئ - وهو شيخ - فقال: ما حملك على أن تجير عدوي؟ قال: يا ابن أخي، جاء حق هو أحق من حقك، فوثب إليه عبيد الله بالعنزة حتى غرز رأسه بالحائط.
وبلغ الخبر مسلما، فخرج في نحو الأربع مئة، فما وصل إلى القصر إلا في نحو الستين، وغربت الشمس، فاقتتلوا، وكثر عليهم أصحاب عبيد

(1) قال ياقوت: زبالة: منزل معروف بطريق مكة من الكوفة.
(٢٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 294 295 296 297 298 299 300 301 302 303 304 ... » »»