سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٣ - الصفحة ٣٠١
قال: فركب العسكر، وحسين جالس، فرآهم مقبلين، فقال لأخيه عباس: القهم فسلهم: مالهم؟ فسألهم، قالوا: أتانا كتاب الأمير يأمرنا أن نعرض عليك النزول على حكمه، أو نناجزك. قال: انصرفوا عنا العشية حتى ننظر الليلة، فانصرفوا.
وجمع حسين أصحابه ليلة عاشوراء، فحمد الله، وقال: إني لا أحسب القوم إلا مقاتليكم غدا، وقد أذنت لكم جميعا، فأنتم في حل مني، وهذا الليل قد غشيكم، فمن كانت له قوة، فليضم إليه رجلا من أهل بيتي، وتفرقوا في سوادكم، فإنهم إنما يطلبونني، فإذا رأوني، لهوا عن طلبكم.
فقال أهل بيته: لا أبقانا الله بعدك، والله لا نفارقك. وقال أصحابه كذلك (1).
- الثوري: عن أبي الجحاف، عن أبيه: أن رجلا قال للحسين: إن علي دينا. قال: لا يقاتل معي من عليه دين (2) - رجع الحديث إلى الأول:
فلما أصبحوا، قال الحسين: اللهم أنت ثقتي في كل كرب، ورجائي في كل شدة، وأنت فيما نزل بي ثقة، وأنت ولي كل نعمة، وصاحب كل حسنة. وقال لعمر وجنده: لا تعجلوا، والله ما أتيتكم حتى أتتني كتب أماثلكم بأن السنة قد أميتت، والنفاق قد نجم، والحدود قد عطلت، فاقدم لعل الله يصلح بك الأمة. فأتيت، فإذ كرهتم ذلك، فأنا راجع، فارجعوا إلى أنفسكم، هل يصلح لكم قتلي، أو يحل دمي؟ ألست ابن بنت نبيكم وابن ابن عمه؟ أوليس حمزة والعباس وجعفر عمومتي؟ ألم يبلغكم قول

(1) " الكامل " لابن الأثير 4 / 57.
(2) أخرجه الطبراني (2872) وفي سنده موسى بن عمير، قال المؤلف في " الميزان ": لا يعرف.
(٣٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 296 297 298 299 300 301 302 303 304 305 306 ... » »»