سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٣ - الصفحة ٢٩٤
وقال: إن القوم يريدون أن يأكلوا بنا، ويشيطوا دماءنا، فأقام حسين على ما هو عليه متردد العزم، فجاءه أبو سعيد الخدري، فقال: يا أبا عبد الله، إني لك ناصح ومشفق، وقد بلغني أنه كاتبك قوم من شيعتك، فلا تخرج إليهم، فإني سمعت أباك يقول بالكوفة: والله لقد مللتهم وملوني و (أبغضتهم)، وأبغضوني، وما بلوت منهم وفاء، ولا لهم ثبات ولا عزم ولا صبر على السيف (1).
قال: وقدم المسيب بن نجبة وعدة إلى الحسين بعد وفاة الحسن، فدعوه إلى خلع معاوية، وقالوا: قد علمنا رأيك ورأي أخيك، فقال: أرجو أن يعطي الله أخي على نيته، وأن يعطيني على نيتي في حبي جهاد الظالمين (2).
وكتب مروان إلى معاوية: إني لست آمن أن يكون الحسين مرصدا للفتنة، وأظن يومكم منه طويلا (3).
فكتب معاوية إلى الحسين: إن من أعطى الله صفقة يمينه وعهده لجدير أن يفي، وقد أنبئت بأن قوما من الكوفة دعوك إلى الشقاق، وهم من قد جربت، قد أفسدوا على أبيك وأخيك، فاتق الله، واذكر الميثاق، فإنك متى تكدني، أكدك (4).
فكتب إليه الحسين: أتاني كتابك، وأنا بغير الذي بلغك جدير، وما أردت لك محاربة ولا خلافا، وما أظن لي عذرا عند الله في ترك جهادك، وما أعلم فتنة أعظم من ولايتك. فقال معاوية: إن أثرنا بأبي عبد الله إلا أسدا (5).

(1) " تهذيب ابن عساكر " 4 / 329، 330. (4) تهذيب ابن عساكر " 4 / 330.
(2) " تهذيب ابن عساكر " 4 / 330 و (5) " تاريخ الاسلام " 2 / 341.
(3) " تهذيب ابن عساكر " 4 / 330.
(٢٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 289 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 ... » »»