سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٢ - الصفحة ٣٤٤
وروى سعد بن إسحاق، عن محمد بن كعب، قال: جمع القرآن خمسة: معاذ، وعبادة بن الصامت، وأبو الدرداء، وأبي، وأبو أيوب.
فلما كان زمن عمر، كتب إليه يزيد بن أبي سفيان: إن أهل الشام قد كثروا، وملؤوا المدائن، واحتاجوا إلى من يعلمهم القرآن ويفقههم.
فأعني برجال يعلمونهم، فدعا عمر الخمسة; فقال: إن إخوانكم قد استعانوني من يعلمهم القرآن، ويفقههم في الدين، فأعينوني يرحمكم الله بثلاثة منكم إن أحببتم، وإن انتدب ثلاثة منكم فليخرجوا.
فقالوا: ما كنا لنتساهم، هذا شيخ كبير - لأبي أيوب - وأما هذا فسقيم - لأبي - فخرج معاذ، وعبادة وأبو الدرداء.
فقال عمر: ابدؤوا بحمص، فإنكم ستجدون الناس على وجوه مختلفة، منهم من يلقن، فإذا رأيتم ذلك، فوجهوا إليه طائفة من الناس، فإذا رضيتم منهم، فليقم بها واحد، وليخرج واحد إلى دمشق، والآخر إلى فلسطين. قال: فقدموا حمص فكانوا بها; حتى إذا رضوا من الناس أقام بها عبادة بن الصامت; وخرج أبو الدرداء إلى دمشق، ومعاذ إلى فلسطين، فمات في طاعون عمواس. ثم صار عبادة بعد إلى فلسطين وبها مات. ولم يزل أبو الدرداء بدمشق حتى مات (1).

(1) أخرجه ابن سعد 2 / 356، 357 من طريق أبي بكر عبد الحميد بن عبد الله بن أبي أويس، عن سليمان بن بلال، عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة، عن محمد بن كعب القرظي،..
ورجاله ثقات، وأخرجه البخاري في " التاريخ الصغير " 1 / 41، 42 من طريق إسماعيل بن أبي أويس، عن أخيه، عن سليمان بن بلال، بهذا الاسناد، وهو في تاريخ ابن عساكر 13 / 384 / 2.
وعمواس: قرية على ستة أميال من الرملة على طريق بيت المقدس، وطاعون عمواس كان في سنة 18 ه‍، وفيه استشهد أبو عبيدة، ومعاذ بن جبل، ويزيد بن أبي سفيان وغيرهم " العبر " 1 / 21، 22. ونتساهم: نتقارع من القرعة. ويلقن: يفهم، من لقن الشئ يلقنه لقنا، وكذلك الكلام، وتلقنه: فهمه، ولقنه إياه: فهمه.
(٣٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 339 340 341 342 343 344 345 346 347 348 349 ... » »»