سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٢ - الصفحة ١٦٨
تشميس الماء، وقول النبي صلى الله عليه وسلم لها: " لا تفعلي يا حميراء فإنه يورث البرص " (1). فإنه خبر موضوع. والحمراء، في خطاب أهل الحجاز: هي البيضاء بشقرة، وهذا نادر فيهم، ومنه في الحديث: " رجل أحمر كأنه من الموالي " (2) يريد القائل أنه في لون الموالي الذين سبوا من نصارى الشام والروم والعجم.
ثم إن العرب إذا قالت: فلان أبيض، فإنهم يريدون الحنطي اللون بحلية سوداء، فإن كان في لون أهل الهند، قالوا: أسمر وآدم، وإن كان في سواد التكرور، قالوا: أسود، وكذا كل من غلب عليه السواد. قالوا:
أسود، أو شديد الأدمة. ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: " بعثت إلى الأحمر والأسود " (3). فمعنى ذلك: أن بني آدم لا ينفكون عن أحد الامرين. وكل

(1) أخرجه الدارقطني ص (14) والبيهقي 1 / 6 من طريق خالد بن إسماعيل المخزومي، عن هشام بن عروة عن أبيه، عن عائشة قالت: أسخنت ماء لرسول الله في الشمس ليغتسل به. فقال لي: " يا حميراء لا تفعلي فإنه يورث البرص " قال الدارقطني: خالد بن إسماعيل متروك، وقال ابن عدي: يضع الحديث على ثقات المسلمين، وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به بحال.
(2) قطعة من حديث مطول أخرجه البخاري 11 / 463 في الايمان: باب ندب من حلف يمينا فرأى غيرها خيرا منها، فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه، من حديث أيوب، عن أبي قلابة، والقاسم التميمي، عن زهدم، عن أبي موسى الأشعري.
(3) قطعة من حديث أخرجه مسلم في " صحيحه " رقم (521) في أول المساجد من حديث جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي، كان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى كل أحمر وأسود، وأحلت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض طيبة طهورة ومسجدا، فأيما رجل أدركته الصلاة، صلى حيث كان، ونصرت بالرعب بين يدي مسيرة شهر، وأعطيت الشفاعة " وفي الباب عن ابن عباس عند أحمد 1 / 250، 301، وعن أبي موسى الأشعري عنده أيضا 4 / 416، وعن أبي ذر عند الدارمي 2 / 224 وأحمد 5 / 145، 148، 162
(١٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 ... » »»