القاهرة يومئذ في مذهب مالك، وكان يستفيد منه، وكذا جمع سواه من أرباب المذاهب الأربعة، واستفدت منه فوائد جمة في التفسير والحديث والفقه والأصول، وعلقت من فوائده أشياء، وهو أجل من أخذت عنه العلم وسمعت عليه الحديث، وكان بي حفيا. انتهي ".
وفي الضوء اللامع " 6: 87: " قال البرهان الحلبي: رأيت رجلا فريد دهره، لم تر عيناي أحفظ للفقه وأحاديث الأحكام منه... ".
وقال ابن قاضي شهبة في " طبقات الشافعية " 4: 51: " قال الحافظ برهان الدين سبط ابن العجمي: سألني الشيخ شهاب الدين الأذرعي عن مولد الشيخ سراج الدين البلقيني فذكرته له، فقال: أنا أصلح أن أكون والده ثم ذكر لي أنه لم ير أحفظ منه لنصوص الشافعي ".
9 " - وأما الحافظ زين الدين العراقي (725 - 806) رحمه الله: فهو مجدد عصره في السنة وعلومها، وأقر له شيوخه برسوخه في هذا الفن، وقد كان حظ البرهان منه وافرا. ففي " الضوء اللامع " 4: 175 نقلا عن ابن حجر قوله: " لازمه البرهان الحلبي نحوا من عشر سنين "، وهذا زمن طويل بالنظر إلى طارئ على القاهرة، إذ أن ابن حجر - وشهرته بالتلمذة عليه معروفة - يقول عن نفسه (1): " لازمته عشر سنين سوى ما تخللها من الرحلات " وهو بلدية ليس بطارئ.
وفي المصدر المذكور ما يدل على حظوة البرهان السبط عند شيخه العراقي. قال: " وكان المستملي - على العراقي - ولده، وربما استملى البرهان الحلبي، أو شيخنا - ابن حجر - أو الفخر البرماوي ".
وجل استفادة البرهان من العراقي كانت في علوم الحديث، فإنه قرأ عليه هذه الجوانب.
قال السخاوي رحمه الله 1: 139: أخذ فنون الحديث " عن الزين العراقي، وبه انتفع، فإنه قرأ عليه " ألفيته " وشرحها، و " نكته " على ابن الصلاح مع البحث في جميعها، وغيرها من تصانيفه وغيرها، وتخرج به، بل أشار له أن يخرج ولده الولي أبا زرعة، وأذن له في الإقراء والكتابة على الحديث ".
ومما قرأه عليه في الرحلة الثانية إلى القاهرة: كتابه في " رواة الكتب الستة، وفيه استدراكات على المزي، وصل فيه إلى أثناء الاحمدين، وقد قرأت بعض ذلك عليه، ثم تركه قبل خروجنا من القاهرة في الرحلة الثانية " (2). وهذا الكتاب أحد مصادر السبط في " حاشيته " هذه " على " الكاشف "، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
10 " - وأما الحافظ نور الدين الهيثمي رحمه الله (735 - 807): فهو الإمام الحافظ الزاهد شيخ فن الزوائد، نقل السخاوي في ترجمته 5: 202 عن البرهان أنه قال فيه: " كان من محاسن القاهرة، ومن أهل الخير، غالب نهاره في اشتغال وكتابة مع ملازمة خدمة الشيخ - الحافظ العراقي - في أمر وضوئه وثيابه، ولا يخاطبه إلا ب " سيدي "، حتى كان في أمر خدمته كالعبد، مع محبته للطلبة والغرباء وأهل الخير، وكثرة الاستحضار جدا ".