الكاشف في معرفة من له رواية في كتب الستة - الذهبي - ج ١ - الصفحة ١٠٧
وهذه كلمات موجزة في تراجم هؤلاء الأئمة الأربعة، أحرص أن تكن من كلام البرهان نفسه.
8 " - أما سراج الدين البلقيني (723 - 805) رحمه الله: فهو مفخرة القرن التاسع في الجمع بين علوم التفسير والحديث والأصول والفقه، وله ترجمة حافلة رائعة في " لحظ الألحاظ " ص 206 - 217، ومن أخبار البرهان مع شيخه البلقيني: قول التقي ابن فهد ص 212:
" قال شيخنا الحافظ برهان الدين سبط ابن العجمي: كان فيه من قوة الحافظة وشدة الذكاء ما لم يشاهد في مثله، أخبرني في رحلتي الأولى إلى القاهرة بمدرسته أنه لما قدم شرف الدين ابن قاضي الجبل الحنبلي نزل في قصر بشتك، فدعاه شخص إلى الجيزة، فحضرت معه في جماعة من علماء القاهرة، منهم بدر الدين الزركشي، وابن العنبري، والطنبذي، فلما صليت العشاء قال لي شرف الدين ابن قاضي الجبل:
يا سراج الدين أينا أحفظ، أنا أم أنت؟ فقلت له: سبحان الله، أنتم كذا وكذا، أتواضع له.
فقال: أستحضر أنا أو أنت؟ فقلت له: إن أنا استحضرت شيئا - يعني حديثا - تذكر له طرقه، وكذا بالعكس، لكن أذكر أنت على حدة وأنا كذلك، فقال ابن قاضي الجبل: أذكر أنت. فأخذت أذكر أحاديث معللة من أول أبوب الفقه، ولا زلت أذكر إلى أن طلع الفجر، وقد وصلت إلى كتاب النكاح، فقام ابن قاضي الجبل وقبل بين عيني وقال: يا سراج الدين ما رأيت بعد الشيخ - يعني شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية - أحفظ منك ".
ومما سمعه البرهان على البلقيني: " سنن الدارقطني " أو " سنن ابن ماجة " - الشك من تقي الدين ابن فهد - وجرى له طريفة في أثناء السماع، حكاها ابن فهد عن البرهان، قال:
" لما كنا نسمع عليه بالقاهرة " سنن الدارقطني " أو " سنن ابن ماجة " - الشك مني - سألني شخص بحضوره عن حديث مر في القراءة: أهذا صحيح أم لا؟ فقلت للقارئ: أذكر السند، فذكره، فإذا فيه عطية العوفي، فقلت له: اتفقوا على تضعيف هذا، فقال الشيخ: ليس كذلك، فذكرت أنا قول الذهبي فيه (1)، فقال الشيخ: قد حسن له الترمذي حديثا، فقلت له: أين؟ فقال: بعد (بياض في المطبوع) في حديث: " يا علي لا يحل لأحد يجنب في هذا المسجد غيري وغيرك " (2) ثم قام من المجلس فجاء ب‍ " مختصر المنذري لسنن أبي داود " فكشف منه شيئا، ثم قال: أنا أحفظ هذا الكتاب ".
ثم نقل ابن فهد عن البرهان قوله: " اجتمعت به في رحلتي الأولى إلى القاهرة في سنة ثمانين، فرأيته إماما لا يجارى، أكثر الناس استحضارا لكل ما يلقي من العلوم، وقد حضرت عنده عدة دروس مع جماعة من أرباب المذاهب، فيتكلم على الحديث الواحد من بعد طلوع الشمس، وربما أذن الظهر في الغالب وهو لم يفرغ من الكلام عليه، ويفيد فوائد جليلة لأرباب كل مذهب، خصوصا المالكية، وكان بعض فضلائه يقرأ عليه في " مختصر مسلم " للقرطبي، وممن كان يحضر عنده الإمام نور الدين ابن الجلال، وكان أفقه أهل
(١٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 ... » »»
الفهرست