وقال أبو بكر بن مجاهد: كان أبو عمرو مقدما في عصره، عالما بالقراءة ووجوهها، قدوة في العلم باللغة، إمام الناس في العربية، وكان مع علمه باللغة وفقهه في العربية متمسكا بالآثار لا يكاد يخالف في اختياره ما جاء عن الأئمة قبله، متواضعا في علمه. قرأ على أهل الحجاز، وسلك في القراءة طريقهم، ولم تزل العلماء في زمانه تعرف له تقدمه وتقر له بفضله، وتأتم في القراءة بمذاهبه. وكان حسن الاختيار، سهل القراءة، غير متكلف، يؤثر التخفيف ما وجد إليه السبيل. وكان في عصره بالبصرة جماعة من أهل العلم بالقراءة لم يبلغوه منهم: عبد الله بن أبي إسحاق، وعاصم بن أبي صباح الجحدري أبو المجشر، وعيسى بن عمر الثقفي، وكل هؤلاء أهل فصاحة أيضا، ولم يحفظ عنهم في القراءة ما حفظ عن أبي عمرو. وإلى قراءة أبي عمرو صار أهل البصرة أو أكثرهم.
وقال أبو عبيد القاسم بن سلام: حدثنا شجاع بن أبي نصر، وكان صدوقا مأمونا قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فعرضت عليه أشياء من قراءة أبي عمرو، فما رد علي إلا حرفين.
وقال نصر بن علي الجهضمي، عن أبيه: قال لي شعبة:
انظر ما يقرأ به أبو عمرو ما يختاره لنفسه، فاكتبه، فإنه سيصير للناس أستاذا.
وقال أبو مزاحم الخاقاني، عن إبراهيم الحربي: كان أهل البصرة يعني أهل العربية منهم أصحاب الهوى إلا أربعة، فإنهم كانوا أصحاب سنة: أبو عمرو بن العلاء، والخليل بن أحمد،