فأملى على الناس حتى كتبوا حديثه إملاء، فمن ضبط كان حديثه حسنا صحيحا إلا أنه كان يحضر من يضبط ويحسن، ويحضر قوم يكتبون ولا يضبطون ولا يصححون، وآخرون نظارة وآخرون سمعوا مع آخرين، ثم لم يخرج ابن لهيعة بعد ذلك كتابا، ولم ير له كتاب، وكان من أراد السماع منه ذهب فاستنسخ ممن كتب عنه وجاءه فقرأه عليه، فمن وقع على نسخة صحيحة فحديثه صحيح ومن كتب من نسخة لم تضبط جاء فيه خلل كثير ثم ذهب قوم، فكل من روى عنه، عن عطاء بن أبي رباح فإنه سمع من عطاء، وروى عن رجل، عن عطاء وعن رجلين، عن عطاء، وعن ثلاثة، عن عطاء تركوا من بينه وبين عطاء وجعلوه عن عطاء.
قال يعقوب (1): وكنت كتبت عن ابن رمح كتابا عن ابن لهيعة وكان فيه نحو ما وصف أحمد بن صالح، فقال: هذا وقع على رجل ضبط إملاء ابن لهيعة. فقلت له: في حديث ابن لهيعة؟ فقال: لم تعرف مذهبي في الرجال إني أذهب إلى أنه لا يترك حديث محدث حتى يجتمع أهل مصره على ترك حديثه.
وقال يعقوب بن سفيان (2) في موضع آخر: سمعت أحمد بن صالح يقول: كتبت حديث ابن لهيعة عن أبي الأسود في الرق، وقال: كنت أكتب عن أصحابنا في القراطيس وأستخير الله فيه. فكتبت حديث ابن لهيعة عن النضر في الرق. قال يعقوب: فذكرت له سماع الكتاب، وكان أملى عليهم حديثه من كتابه، فربما يكتب عنه قوم يعقلون الحديث