بربه وصرخ صرخة شديدة فإذا إسرافيل قد هبط فنظر إليه جبريل وميكائيل فكف إبليس فلما استقر معهم ضرب إسرافيل إبليس بجناحه فصك به عين الشمس ثم ضربه ضربة أخرى فأقبل إبليس يهوي ومر بعيسى وهو بمكانه فقال يا عيسى لقد لقيت قبل اليوم تعبا شديدا فرمى به في عين الشمس فوخزه سبعة املاك عند العين الحامية قال فغطوه فجعل كلما خرج غطوه في تلك الحمأة قال والله ما عاد إليه بعد قال وحدثنا إسماعيل العطار حدثنا أبو حذيفة قال واجتمع إليه شياطينه فقالوا سيدنا قد لقيت تعبا قال إن هذا عبد معصوم ليس لي عليه من سبيل وسأضل به بشرا كثيرا أيد به عبده عيسى وعصمه من إبليس قرآنا ناطقا بذكر نعمته على عيسى فقال " يا عيسى بن مريم أذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس " يعني جبريل " تكلم الناس في المهد وكهلا وإذ علمتك الكتاب " يعني الإنجيل والتوراة " والحكمة " وإذ كففت بني إسرائيل عنك " الآية كلها وإذ جعلت المساكين لك بطانة وصحابة وأعوانا ترضى بهم وصحابة وأعوانا يرضون بك هاديا وقائدا إلى الجنة فذلك فاعلم خلقان عظيمان من صيامنا وصلينا فلم يقبل صلاتنا وتصدقنا فلم يقبل صدقتنا وبكينا بمثل حنين الجمال فلم يرحم بكاءنا فقل لهم ولم ذاك وما الذي يمنعني ان ذات يدي قلت أو ليس خزائن السماوات والأرض بيدي أنفق منها كيف أشاء أو ان البخل يعتريني أو لست أجود من سئل وأوسع من اعطى وان رحمتي ضاقت وانما يتراحم المتراحمون بفضل رحمتي ولولا أن هؤلاء القوم يا عيسى بن مريم عذوا أنفسهم بالحكمة التي نورت في قلوبهم واستأثروا به الدنيا اثرة على الآخرة لعرفوا من أين اتوا وإذا لأيقنوا ان أنفسهم هي اعدى الأعداء لهم وكيف اقبل صيامهم وهم يتقوون عليه بالأطعمة الحرام وكيف اقبل صلاتهم وقلوبهم تركن إلى الذين يحاربوني ويستحلون محارمي وكيف أقبل صدقاتهم وهم يغصبون الناس عليها فيأخذونها من غير حلها يا عيسى انما أجزي عليها أهلها وكيف ارحم بكاءهم وأيديهم تقطر من دماء
(٣٨٩)