فنهض زياد بن لبيد وصاح بأصحابه المسلمين ودعاهم إلى النصرة لله ولكتابه فانحازت طائفة من المسلمين إلى زياد وجعل من ارتد ينحاز إلى حارثة فكان زياد يقاتلهم النهار إلى الليل فقاتلهم أياما كثيرة وضوى إلى الأشعث بن قيس بن بشر كثير فتحصن بمن معه ممن هو على مثل رأيه في النجير فحاصرهم زياد بن لبيد وقذف الله الرعب في أفئدتهم وجهدهم (1) الحصار فقال الأشعث بن قيس إلى متى هم في هذا الحصن قد غرثنا (2) فيه وغرث عيالنا وهذه البعوث تقدم عليكم ما لا قبل لنا به والله للموت بالسيف أحسن من الموت بالجوع ويؤخذ برقبة الرجل كما يصنع بالذرية قالوا وهل لنا قوة بالقوم أرتأ لنا فأنت سيدنا قال أنزل وآخذ لكم أمانا تأمنون به قبل أن تدخل عليكم هذه الأمداد ما لا قبل لنا به ولا يدان قال فجعل أهل الحصن يقولون للأشعث افعل فخذ لنا الأمان فإنه ليس أحد أجدى (3) أن يقدر على ما قبل زياد منك فأرسل الأشعث إلى زياد انزل فأكلمك وأنا آمن قال زياد نعم فنزل الأشعث من (4) النجير فخلا بزياد فقال يا ابن عم قد كان هذا الأمر ولم يبارك لنا فيه ولي قرابة ورحم وإن وكلتني إلى صاحبك قتلني يعني المهاجر بن أبي أمية إن أبا بكر يكره قتل مثلي وقد جاءك كتاب أبي بكر ينهاك عن قتل الملوك من كندة فأنا أحدهم وإنما أطلب منك الأمان على أهلي ومالي فقال زياد بن لبيد لا أؤمنك أبدا على دمك وأنت كنت رأس الردة والذي نقض علينا كندة فقال أيها الرجل دع عنك ما مضى واستقبل الأمور إذا أقبلت عليك فتؤمني على دمي وأهلي ومالي حتى أقدم على أبي بكر فيرى في رأيه فقال زيد وماذا قال وأفتح لك النجير فأمنه زياد على أهله ودمه وماله وعلى أن يقدم به على أبي بكر فيرى فيه رأيه ويفتح له النجير قال محمد بن عمر وهذا أثبت عند أصحابنا من غيره
(١٢٩)