ذلك فخرج يصيح إلى حارثة بن سراقة بن معدي كرب فقال أخذت الفلانية في إبل الصدقة فأنشدك الله والرحم فإنها أكرم إبلي علي بعيرا وأباعر فخرج معه حارثة حتى أتى زيادا فتكلم إليه أن يردها علي ويأخذ مكانها بعيرا فأبى عليه زياد وكان رجلا صلبا مسلما وخشي أن يروا ذلك منه ضعفا وخورا للحديث الذي كان فقال ما (1) كنت لأردها وقد وسمتها في إبل الصدقة ووقع عليها حق الله عز وجل فراجعه حارثة فأبى فلما رأى ذلك حارثة قام إلى القلوص فحل عقالها ثم ضرب وجهها وقال دونك وقلوصك لصاحبها وهو يرتجز ويقول (2) * يضعها شيخ بخديه الشيب * قد لمع الوجه كتلميع الثوب اليوم لا أخلط بالعلم الريب * وليس في منعي حريمي من عيب * وقال حارثة بن سراقة الكندي (3) * أطعنا رسول الله ما دام وسطنا * فيال عباد الله ما لأبي بكر أيأخذها قسرا ولا عهد عنده * يملكه فينا وفيكم عرى الأمر فلم يك يهديها إليه بلا هدى * وقد مات مولاها النبي ولا عذر فنحن بأن نختارها وفصالها * أحق وأولى بالامارة في الدهر إذا لم يكن من ربنا أو نبينا * فذو الوفد أولى بالقضية في الوفر أيجري على أموالنا الناس حكمهم * بغير رضى إلا التسنم بالقسر * بغير رضى منا ونحن جماعة * شهودا كأنا غائبين عن الأمر فتلك إذا كانت من الله زلفة * ومن غيره إحدى القواصم للظهر (3) * فأجابه زياد بن لبيد * سيعلم أقوام أطاعوا نبيهم * بأن عوي القوم ليس بذي قدر * * أذاعت عن القوم الأصاغر لعنة * قلوب رجال في الحلوق من الصدر * * ودنوا لعقباه إذا هي صرمت * هواديه الأولى على حين لا عذر
(١٢٥)